نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 2 صفحه : 131
تعدي مصر إلى شقيقاتها من البلاد العربية، وإلى البلاد الإسلامية، ويشجعها على طلب الاستقلال، ويأسى لما تصاب به من نكبات، ويرثي كبار زعمائها وقادتها. وبحث شباب مصر في أكثر من موطن على أن يعتصموا بالقوة فإن الحق الذي لا تدعمه القوة لا يلقى آذانًا مصغية، ويذكر المصريين بأن الغرب رفض الاستماع إلى وفد مصر في مؤتمر لوزان حينما كان يوزع الغنائم والأسلاب:
أتعلم أنهم صلفوا وتاهوا ... وصدوا الباب عنا موصدينا
ولو كنا هناك نجر سيفًا ... وجدنا منهم عطفًا ولينا
ويذكرهم بأن الأماني والأحلام لا تحقق الرغاب فيقول:
وما نيل المطالب بالتمني ... ولكن تؤخذ الدنيا غلابًا
فبينما كان شوقي يملأ الدنيا بشعره، كان حافظ راضيًا بما قسم الله له من رزق، حريصًا على ألا يضيع منه: يكبت شعوره، وخشى أن تطوح به السياسة في أودية لا يعرف لها قرارًا.
هذا وقد ظهر بجانب شوقي وحافظ عشراء آخرون تباينوا شعورًا، وسياسة، إزاء كل هذه الحوادث، وتأثروا بمؤثرات شخصية: فإسماعيل صبري كان وطنيًّا صادقًا، ولكنه كان مقيدًا بقيود الوظيفة، ولم يكن شاعرًا محترفًا، إنما كان الشعر عنده ترفًا، ولم يخض غمار السياسة كما خاضها حافظ وشوقي، وإن لم يقل عنهما وطنية، ينم عنها ما قاله في بعض الحوادث التي هزت مشاعره هزًّا عنيفًا فلم يجد من القول بدًّا.
ليس في ديوان صبري أي قصيدة يمدح بها السلطان عبد الحميد، أو سواه من الأتراك الذين مدحهم شوقي أو مدحهم حافظ، ولست أدري أيعود هذا إلى أنه كان يخشى الإنجليز وهو الموظف في الحكومة المصرية التي تسيطر إنجلترا على شئونها، والذين كانوا يسعون سعيًا حثيثًا لقطع الصلة بينها وبين مصر، حتى يخلوا لهم الجو، ويثبتوا أقدامهم بوادي النيل؟ أو يعود هذا إلى أنه كان ينظر إلى
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 2 صفحه : 131