نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 2 صفحه : 132
مصر وأملها في الاستقلال نظرة قومية، فلا يمدح إلا أمراءها الذين تولوا الملك في عهده كإسماعيل، وتوفيف، وعباس، وحسين كامل، شأن الرجل المستنير الذي يرغب في نهضة بلاده مستقلة عن كل نير أجنبي، ولا يدعو إلا للنهضة التعليمية، والشورى، ورقى مصر في جميع نواحي الحياة؟ نرى إسماعيل صبري حتى في شعره الذي قاله في حرب طرابلس بين تركيا وإيطاليا لا يصدر عن عاطفة دينية حادة كما كان يصدر شوقي مثلًا، وكما كان يشعر كثير من شعراء هذا الجيل، وإنما كان صبري ينظر إلى هذه الحادثة نظرة إنسانية، فيها اعتداء قوي مدجج بالسلاح، على ضعيف أعزل، وفيها تنكر لمعاني الإنسانية الجميلة.
لا يثق بعضنا ببعض وهذا ... ما أعد الإنسان للإنسان
وإن تسلم على الغريب فسلّم ... في ظلال السيوف والمران
ربما أصبح العناق صراعًا ... في زمان الأداب والعرفان
ولا نراه يكبر ويهلل حينما تعلن تركيا الدستور في سنة 1908: فما الذي يعود على مصر من ذلك إذا لم تنل هي الدستور، وحكم الشورى، فليست مصر في نظرة مقاطعة عثمانية، حتى ينالها ما نال تركيا، ولكنها محكومة حكمًا غريبًا تتنازعه سلطتان، وأهلها يعاونون الاسبتداد والبغي:
يا مصر سيرى على آثارهم وقفي ... تلك المواقف في أسنى مجاليها
لا يؤيسنك ما قالوا وما كتبوا ... بين البرية تضليلًا وتمويها
إن يمنعوا الناس من قول فما منعوا ... أن ينطق الحق بالشكوى ويبديها
الحق أكبر من أن تستبد به ... يد وإن طال في بطل تماديها
يا آية الفخر هلا تنزلين -كما ... نزلت ثم- على مصر وأهليها
كيما نجر ذيولًا منك جررها ... من قبلنا الترك في أوطانهم تيها
يا "عابدين لأنت اليوم مصدرها ... وفي ذراك -بإذن الله- موحيها
وتراه عند الانقلاب العثماني، وخلع السلطان عبد الحميد، ويرى في ذلك عظة بالغة لكل حاكم مستبد فيقول لعبد الحميد:
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر جلد : 2 صفحه : 132