نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 69
في تصوير صديقه، وهو في صراع متطور مع الحياة، وعرض لجبران في ضعفه وقلقه، وكشف عن البون الواسع بين حياته العملية ونظراته المثالية. ولم يخجل من أن ينظر بعين الناقد الساخر إلى كثير من متناقضات جبران، كل ذلك في بناء فني جميل لا تشوبه إلا بعض المقدمات التي يتورط العقاد في مثلها إلى حد الإملال. ولكنه في أغلب فصول كتابه يجعلنا نعيش مع جبران ونحس به في صراعه مع الحياة إحساساً دقيقاً، مستعيناً بفهمه النفسي الذي يتغلغل إلى أعماق الأمور فيفسرها ويجلوها ويربط بين ظواهرها المتناقضة. وقد قدر لنعيمه أن يبرز الحقائق عارية دون أن يحاول الاعتذار أو يختفي وراء الروابط العاطفية، فجاء كتابه حياً خفاقاً بالحيوية، كاملاً في تدرجه ونموه.
ولا شك في أن هذا اللون من السيرة كان جديداً على الناس في العالم العربي، غريب الوقع في نفوسهم؛ فمن قائل: إن نعيمه أراد أن يظهر نفسه على حساب جبران، ومن قائل إنه أساء لصديقه وشان سمعته، ورماه بنقائض خلقية يستبعد مثلها من مثله؛ وكل هؤلاء إنما كانوا ينظرون إلى جبران من خلال مثاليته في آرائه، فلما نزل نعيمه بجبران من سحب المثالية إلى أرض الواقع، هوت آمالهم، وأصيبت نفوسهم بصدمة عنيفة، وتمنوا أن يظل لهم جبران كما عرفوه أثيرياً روحانياً. وهم معذورون في شعورهم إلى حد ما، فإن تحطم المثال أمر يزعزع الثقة في نفوس المتطلعين عليه، ويهوي بالأساس الفلسفي الذي أقاموه عليه
نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 69