نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 108
تستند إلى الاعتراف؛ فإن كان يشعر باضطهاد المجتمع له كما شعر روسو، تخفف من هذا الشعور، وإذا أحس بوقع ذنوبه وآثامه، أراح ضميره بالتحدث عنها، وقمع نفسه بالإعلان عن سيئاتها، ووقف منها موقف المتهم والقاضي معاً. وإذا خرج سالماً من لجة الصراع الروحي والنفسي والفكري إلى ساحل من الطمأنينة، رسم صورة لذلك الصراع، وأنهى قصته بالهدوء الذي يعقب العاصفة، والاستبشار الذي يأتي بعد اليأس؛ وإذا تحول من دين إلى دين، أو من مذهب سياسي إلى مذهب آخر، أو من منتصر إلى منهزم، أو من قاض إلى متهم، أو أخفق في خطة، فلا بد له من أن يرضي ضميره، فيكتب سيرة حياته، منتحلاً ضروباً من التعليل والاعتذار و " التبرير "، ولعل هذا العامل وما يكتنفه من غايات، من أقوى البواعث على كتابة السير الذاتية. وإذا كان متهماً في أنظار الناس بريئاً عند نفسه وعند الحقيقة، وإذا كان يحس بعظم الرسالة التي وكلت إليه، والناس من حوله لا يقدرونها ولا يأبهون بها، كان الكشف عن دخائل الأمور المتصلة بحياته، طريقه الطبيعي إلى إحقاق الحق وإعلان الصدق، ووراء كل سيرة هذا الدافع النفسي أو ذاك؛ وغاية مرصودة، لا يعلن صاحبها عنها، لأنها كالصورة الكلية للعمل الفني، تظل غائمة، حتى تكتمل السيرة.
وليس لدى الكتاب من عمر محدود يقفون عنده لكتابة سيرهم، فإن نيتشه كتب سيرته وهو في الأربعين، وكتبها
نام کتاب : فن السيرة نویسنده : إحسان عباس جلد : 1 صفحه : 108