كنت أمس- أكرمك الله- عليلا، وركبت اليوم على ظلع «1» ظاهر ورقّة شديدة، فلما انصرفت أمرت بإغلاق الباب للمتودّع، ووافق ذلك من سوء نيتك وإرصادك صديقك بما يستدعي عتبك عليه وعتبه عليك ما وافق.
لا أزال- أبقاك الله- أسأل الكتاب إليك في الحاجة، فأتوقف أحيانا توقف المبقي عليك من المؤونة، وأكتب أحيانا كتاب الراجع منك إلى الثقة والمعتمد منك على المقة؛ لا أعدمنا الله دوام عزك، ولا سلب الدنيا بهجتها بك، ولا أخلانا من الصّنع لله على يدك وفي كنفك، فإنا لا نعرف إلا نعمتك، ولا نجد للحياة طعما وندى إلا في ظلّك.
إن كان هذا مما ترضاه لي، فلست ألتمس أكثر منه، وقوفا بنفسي عند الحظ الذي رضيته لي.
أنا، والله، أراك في رتبة المنعم إجلالا، وبمحل الشقيق من القلب محبّة وإخلاصا.
أما شكري فمقصور على سالف أياديك، وبه قصور عنه فكيف يتّسع لما جدّدته!.
لله عندك نعم جسام تتقاضاك الشكر. وقاك الله شرّ نفسك، فإنها أقرب أعدائك إليك.
ولم أزل وجلا من حادثة كذا عليك، إذ كان ما ينالك- لا أنالك الله سوءا- متّصلا بي ومدخلا الضرر عليّ في ركن منك أعتمد عليه، وكنف لك أستذري به.