لعمري وما عمري على بهين ... لقد صبحت بالخزي أهل النمارق
بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم ... يجوسونهم ما بين درتا وبارق
قتلناهم ما بين مرج مسلح ... وبين الهوافي من طريق البذارق1
ويفزع أهل السواد إلى أبي عبيد يطلبون الصلح، ويقدمون الهدايا والأطعمة الفارسية وتمر النرسيان، بعد أن دانت للمسلمين قرى السواد، واستباحه المسلمون، يقول عاصم بن عمرو:
ضربنا حماة النرسيان بكسكر ... غداة لقيناهم ببيض بواتر
وفزنا على الأيام والجرر لاقح ... بجرد حسان أو يبرد غوابر
وظلت بلاد النرسيان وتمره ... مباحًا لمن بين الديار الأضافر
أبحنا حمى قوم وكان حماهم ... حرامًا على من رامه بالعساكر2
وفي قس الناطف تحدث كارثة الجسر، تلك الهزيمة الوحيدة التي لحقت بالمسلمين في جميع فتوحاتهم؛ إذ أخذتهم السيوف والغرق والفرار من كل جانب، وقد ترامت أنباء الهزيمة في بلاد العرب، ورن صداها في كل قلب، يقول حسان بن ثابت لما بلغته الكارثة بالمدينة:
لقد عظمت فينا الرزيئة إننا ... جلاد على ريب الحوادث والدهر
على الجسر قتلى لهف نفس عليهم ... فيا حسرتا ماذا لقينا من الجسر3
وعلى الرغم من هذا، فإننا لا نجد غير أبيات تنسب إلى أبي محجن الثقفي في وصف المعركة، ورثاء نفر من شهداء المسلمين، وطبيعي أن تسكت أصوات الشعراء في هذه المحنة، يقول أبو محجن:
1 ياقوت ج4 ص532، 995.
2 ياقوت ج4، ص774.
3 ياقوت ج2، ص82.