[2]- الشعر في العراق:
انطلق الشعر على ألسنة الفاتحين في العراق مع أول ضربة سيف، وقد أحاط بالمعارك والأحداث إحاطة، بحيث يمكن أن يعد وثيقة تاريخية لها خطرها. وهو من حيث تصويره لحياة المجاهدين ومشاعرهم، وتصويره لمشاعر المقاومين أيضًا يمكن أن يعد وثيقة وجدانية رائعة لهذا الحدث الفذ في تاريخ الإسلام والمسلمين.
واكب الشعر أحداث الفتح منذ أول التقاء، كان من الحفير أو كاظمة بين خالد وهرمز، حيث دارت الدائرة على الفرس، ثم انتصر المسلمون على قارن بن قريانس في وقعة المذار أو الثنى، وأكثروا القتل في جنده، فتغنى القعقاع بن عمرو التميمي بهذا النصر قائلًا:
فنحن وطئنا بالكواظم هرمزًا ... وبالثنى قرني قارن بالجوارف1
وكذلك يفعل الأسود بن قطبة، فيعير عرب القبائل الذين انضموا للفرس بسبي المسلمين نساءهم وافتضاحهم فيقول:
لعمرو أبي بجير حيث صاروا ... ومن آداهم يوم الثني
لقد لاقت سراتهم افتضاحا ... وفتنا بالنساء على المطي
آلا ما للرجال فإن جهلًا ... بكم أن تفعلوا فعل الصبي2
وعندما يجتمع العرب الموتورون مع الفرس يوم أُلَّيس، ويرى المسلمون منهم نكالًا -حتى يصلي خالد صلاة الخوف- يصور الأسود بن قطبة التميمي هول المعركة، وبسالة المقاومين فيقول:
لقينا يوم أليس وأمغي ... ويوم المقر آساد النهار
فلم أرَ مثلها فضلات حرب ... أشد على الجحاجحة الكبار
قتلنا منهم سبعين ألفًا ... بقية حزبهم نخب الإسار
سوى من ليس يحصي من قتيل ... ومن قد غال جولان الغبار3
1 الطبري 1/ 4/ 2049. [2] ياقوت ج1، ص937.
3 ياقوت ج1، ص363.