نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 456
ذي أبهة فيها قد صيرته حقيرًا، وذي نخوة قد ردته ذليلًا، وكم من ذي تاج قد كبته[1] لليدين والفم، سلطانها دول؛ وعيشها رنق وعذبها أجاج، وحلوها صبر، وغذاؤها سمام[2] وأسبابها رمام[3]، وقطاعها سلع[4]، حبها بمرض موت، وصحيحها بعرض سقم، ومنيعتها بعرض اهتضام، مليكها مسلوب، وعزيزها مغلوب، وسليمها منكوب، وجامعها محروب[5]، مع أن وراء ذلك سكرات الموت، وهول المطلع، والوقوف بين يدي الحكم العدل {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} .
ألستم في مساكن من كان أطول منكم أعمارًا، وأوضح منكم آثارًا، وأعد عديدًا، وأكثف جنودًا، وأعتد عتادًا[6]، وأطول عمادًا، تعبدوا[7] للدنيا أي عبد! وآثروها أي إيثار وظعنوا عنها بالكره والصغار! فهل بلغكم أن الدنيا سمحت لهم نفسا بفدية، أو أغنت عنهم فيما قد أهلكتهم بخطب[8]؟ بل قد أرهقتهم بالفوادح[9]، وضعضعتهم بالنوائب، وعقرتهم بالمصائب[10]، وقد رأيتم تنكرها. [1] صرعته وقلبته. [2] رفق الماء كفرح ونصر: كدر، فهو رنق كعدل وكتف وجبل، وأجاج: ملح مر، وسمام جمع سم مثلث السين. [3] أسباب جمع سبب: وهو الحبل، ورمام: بالية، حبل أرمام، ورمام: أي بال. [4] السلع: شج مر، أو سم: أو ضرب من الصبر، أو بقلة خبيثة الطعم. [5] مسلوب، من حربه حربا كطلبه طلبًا: سلب ماله فهو محروب وحريب، وفي رواية: "وجارها محروب". [6] العتاد: العدة، وقد عتد ككرم عتادًا فهو عتيد: أي حاضر مهيأ معد، وفي رواية: "وأعند عنودًا" من عند عن الطريق كنصر وسمع وكرم عنودا: أي مال، وفي رواية: "وأشد عقودًا". [7] أي استعبدتهم الدنيا، تعبده اتخذه عبدًا. [8] أي بشأن وأمر. [9] الفوادح: النوائب المثقلة، من فدحه الدين إذا أثقله، وفي رواية: "وأوهقتهم" أي جعلتهم في الوهق بفتح الهاء وتسكينها: وهو حبل كالطول. [10] وفي رواية: "وعقرتهم بالفجائع"، وفي رواية "وعفرتهم للمناخر، ووطئتهم بالمناسم"، عفرتهم للمناخر: ألصقت أنوفهم بالعفر "كسيب ويسكن"، وهو التراب والمناخر جمع منخر بفتح الميم والخاء، وبكسرهما، وبضمها وكمجلس: الأنف، والمناسم جمع منسم كمجلس وهو خف البعير.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت جلد : 2 صفحه : 456