responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت    جلد : 2  صفحه : 457
لمن دان[1] لها، وأخلد إليها، حين ظعنوا عنها لفراق الأبد، إلى آخر المسند[2]، هل زودتهم إلا السغب[3]،وأحلتهم إلا الضنك، أو نورت لهم إلا الظلمة، أو أعقبتهم إلا الندامة؟ أفهذه تؤثرون، أم على هذه تحرصون، أم إليها تطمئنون؟ يقول الله جل ذكره: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ؛ فبئست الدار لمن لم يتهمها، ولم يكن فيها على وجل منها.
فاعلموا -وأنتم تعلمون- أنكم تاركوها لا بد؛ فإنما هي كما وصفها الله باللعب واللهو وقد قال الله تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ، وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [4]، واتعظوا فيها بالذين قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} ، حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانًا، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون[5] ضيفانا، وجعل لهم من الصريح أكنان، ومن التراب أكفان، ومن الرفات جبران[6]؛ فهم حيرة لا يجيبون داعيًا، ولا يمنعون ضيمًا، ولا يبالون مندبة[7]، إن أخصبوا[8] لم يفرحوا، وإن قحطوا[9] لم يقنطوا، جمع وهم آحاد، وجبرة وهم آباد، متناهون لا يزورون ولا يزارون، حلماء قد ذهبت أضغانهم، وجهلاء

[1] أي خضع لها وذل، وفي رواية: "لمن رادها" أي طلبها: رودًا، وأخلد إليها: مال.
[2] المسند: الدهر، وفي رواية "إلى آخر الأمد".
[3] الجوع، وفي رواية: "الشقاء" والضنك: الضيق.
[4] نزلت في عاد قوم هود، الريع: المرتفع من الأرض، آية: أي أبنية وقصور يفتخرون بها، ويعثبون بالفقراء، ويتطاولون عليهم من أجلها، والمصانع: المباني من القصور والحصون.
[5] وفي رواية "فلا يرعون" أي فلا يرعاهم أحد.
[6] الأكنان جمع كن بالكسر: وهو وقاء كل شيء وستره. والضريح: القبر أو الشق وسطه، وفي رواية: "وجعل لهم من الصفيح أجنان" والأجنان جمع جنن كسبب: وهو القبر، والصفيح: الحجارة العراض، والرفات: العظام البالية.
[7] المندبة: الندب على الميت.
[8] وفي رواية: "إن جيدوا" من جادهم الغيث إذا أمطروا.
[9] قحط الناس كمنع، وقحطوا وأقحطوا مبنيين لمجهول "قليلتان"، وبكل روي.
نام کتاب : جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة نویسنده : أحمد زكي صفوت    جلد : 2  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست