نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 285
رِقاقُ النِعالِ طَيِّبٌ حُجُزاتُهُم ... يُحَيّونَ بِالريحانِ يَومَ السَباسِبِ1
تُحَيّهِمُ بَيضُ الوَلائِدِ بَينَهُم ... وَأَكسِيَةُ الإِضريجِ فَوقَ المَشاجِبِ2
يَصونونَ أَجسادًا قَديمًا نَعيمُها ... بِخالِصَةِ الأَردانِ خُضرِ المَناكِبِ3
وَلا يَحسَبونَ الخَيرَ لا شَرَّ بَعدَهُ ... وَلا يَحسِبونَ الشَرَّ ضَربَةَ لازِبِ4
حَبَوتُ بِها غَسّانَ إِذ كُنتُ لاحِقًا ... بِقَومي وَإِذ أَعيَت عَلَيَّ مَذاهِبي5
وهو في أول الأبيات يصفهم بالجود ورجاحة الأحلام والعقول، ثم يأخذ في وصفهم بأنهم متدينون بدين قويم، وكان الغساسنة نصارى كما مر بنا في غير هذا الموضع. ويقول: إن منازلهم تحل بأمكنة مقدسة، ولعله يريد كنائسهم، ولا يلبث أن يقول إنهم يخشون العواقب، وكأنه يستحثهم على أن يفكوا أسرى قبيلته من أغلالهم. وتحوَّل يصفهم بالترف وما كانوا فيه من رفاهة العيش؛ فهم رقاق النعال، وهم أعفاء، يحيّون بالأزهار في عيد السباسب أو يوم الشَّعانين، وهو من أعياد النصارى، وهم منعمون يلبسون ثيابًا بيض المناكب خضر الأكمام. وعاد يستعطفهم على قومه وأنهم إذا كانوا أهاجوهم واستتبع ذلك شرًّا وبلاء فإن في الغساسنة خيرًا وقد ضاقت عليه الدنيا بما رحبت بسبب من أسر منهم عند ممدوحيه، وكأنه يهيب بهم أن يردوا إليه حريتهم، وردوها فعلًا لما بهرهم به النابغة من هذا المديح الرائع.
وواضح أن روعة هذا المديح ترجع إلى استيفاء النابغة لمعانيه وعرضها في معارض بديعة من اللفظ الواضح الجزل ومن الصور المونقة الدقيقة. وقد نفذ في أثناء ذلك إلى معان حضرية جديدة؛ إذ صور دينهم وترفهم وما هم فيه من نعيم. وهو في ذلك يختلف عن شعراء البادية أمثال زهير في مديحه؛ إذ كانوا لا يعرفون هذه المعاني ولا تلم بخواطرهم، أما هو فعاش أغلب أيامه في الحيرة وفي بلاط الغساسنة،
1 الحجزات: معاقد الثياب. طيب حجزاتهم. كناية عن عفتهم.
2 الولائد: الجواري والإماء. الإضريج: الحرير الأحمر: المشاجب: جمع مشجب وهو أعواد تعلق عليها الثياب.
3 الأردان: الأكمام. وخلوصها: نصوع بياضها.
4 لازب: لازم.
5 بها: يريد قصيدته. أعيت مذاهبه عليه: ضاقت وسدت.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 285