نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 263
عن شجاعته وأنه لا يرهب زوج مَنْ يغازلها ولا تهديده، يقول:
أيقتُلني والمشرفيُّ مُضاجعي ... ومسنونةٌ زُرْقٌ كأنياب أغْوالِ
وهي صورة طريفة؛ لأنها تقوم على التخييل والوهم. ويخرج إلى وصف فرسه فيشبهه بالهراوة أو العصا في ضموره وصلابته، ويقول: إنه ذعر به قطيع بقر، يجري البياض والسواد في سيقانه، حتى لكأنها وشى برود يمانية بديعة. ويعود إلى فرسه، فيشبهه بعقاب تنقض. انقضاضًا على فريستها، ويقول إن هذه العقاب تصيد الطير وتحمله إلى وكرها، فتأكله إلا قلوبه؛ فمنها الطري الغض، ومنها الجاف المتقبض، ويعمل خياله، وما هي إلا أن يقول:
كأن قلوبَ الطير رَطْبًا ويابسًا ... لدى وَكْرِهَا العُنَّابُ والحشَفُ البالي
وواضح أنه يشبه القلوب الرطبة بالعناب واليابسة بالحشف البالي أو التمر الرديء الجاف، وهو تشبيه كان القدماء يعجبون به؛ لأن امرأ القيس استطاع أن يلائم ملاءمة خيالية بين أشياء متعددة. ويُرْوَى عن بشار أنه قال: ما زلت أحسد امرأ القيس على جمعه في هذا البيت بين تشبيه شيئين بشيئين، حتى قلت:
كأن مُثارَ النَّقْعِ فوق رءوسنا ... وأسيافنا ليلٌ تهاوَى كواكبه1
فجمعت فيه بين ثلاثة وثلاثة[2].
ولعلنا لا نبعد بعد ذلك كله إذا قلنا إن امرأ القيس هو الذي ألهم الشاعر العربي على مر العصور فكرة التشبيه؛ بل هو الذي وجهه إلى الإسراف في استخدامه، حتى عد ذلك ضربًا رشيقًا من ضروب الزخرف والبديع[3]. وبجانب هذا التشبيه نجد عنده بعض أمثلة للاستعارة المكنية والتصريحية، وهو يأتي بها في قلة، من ذلك قوله في المعلقة يخاطب الليل:
فقلت له لما تمطَّى بصُلْبِه ... وأَرْدفَ أعجازًا وناءَ بكَلْكَلِ
1 النقع: الغبار. [2] الأغاني: "طبعة دار الكتب" 3/ 196. [3] انظر كتاب البديع لابن المعتز "طبعة كراتشكوفسكي" ص 58 وما بعدها.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 263