نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 264
فقد استعار صورة البعير لهذا الليل الذي لا يزول. ومضى فاستعار صورة القيد لفرسه؛ فسماه قيد الأوابد فهي لا تفوته، على نحو ما مر بنا في بيته:
وقد أغتدي والطيرُ في وُكُناتها ... بمنجردٍ قَيْدِ الأوابد هيكلِ
وإذا صحت رواية[1] أمال بدلًا من أهان في قوله يصف البرق:
يُضيءُ سَناهُ أَو مَصابيحَ راهِبٍ ... أَهانَ السَليطَ في الذَبالِ المُفَتَّلِ
كان البيت يتضمن استعارة بديعة؛ لأن من معاني أمال رعى، وكأنه استعار صورة رعي الأنعام للنبات لما يفنيه الذبال من الزيت شيئًا فشيئًا. وإذا تركنا معلقته إلى مطولته "ألا انعم صباحًا" وجدناه يستعير للحُلي على نحر صاحبته وتوهجه صورة الجمر، يقول:
كَأَنَّ عَلى لَبّاتِها جَمرَ مُصطَلٍ ... أَصابَ غَضًا جَزلًا وَكُفَّ بِأَجذالِ[2].
ومن الحق أن الاستعارة قليلة في أشعاره؛ ولكنها على كل حال مبثوثة فيها، مثلها مثل لوني البديع المسميين بالطباق والجناس، ومن أمثلة طباقه قوله في المعلقة يصف غدائر صاحبته:
غَدائِرُه مُستَشزِراتٌ إِلى العُلا ... تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ[3].
وقوله يصف فرسه:
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعًا ... كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ
ومن أمثلة الجناس قوله في غزله:
وإن كنتِ قد ساءتْك مني خليقةٌ ... فسُلِّي ثيابي من ثيابكِ تَنْسُلِ
وقوله:
أَلا أَيُّها اللَيلُ الطَويلُ أَلا اِنجَلي ... بِصُبحٍ وَما الإِصباحُ مِنكَ بِأَمثَلِ [1] ابن المعتز: ص7. [2] الغضا: من أشجار نجد. الجزل: الكثير، كف: مد. الأجذال: أصول الشجر. يقول إنه جمر لا يزال متقدًا؛ لأن بجواره مصطليًا بقلبه ويتعهده ومن حوله أصول شجر الغضا وعيدانه لا يزال يمد بها النار. [3] مستشزرات: مفتولات، المداري: الأمشاط.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 264