نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 257
تُخرِجُ الوِدَّ إِذا ما أَشجَذَت ... وَتُواريهِ إِذا ما تَشتَكِرْ1
وَتَرى الضَبَّ خَفيفًا ماهِرًا ... ثانِيًا بُرثُنُهُ ما يَنعَفِر2
وَتَرى الشَجراءَ في رَيِّقِهِ ... كَرُءوسٍ قُطِّعَت فيها الخُمِر3
ساعَةً ثُمَّ اِنتَحاها وابِلٌ ... ساقِطُ الأَكنافِ واهٍ مُنهَمِر4
راحَ تُمرِيهِ الصَبا ثُمَّ اِنتَحى ... فيهِ شُؤبوبُ جُنوبٍ مُنفَجِر5
ثَجَّ حَتّى ضاقَ عَن آذِيِّهِ ... عَرضُ خَيمٍ فَخُفاءٍ فَيُسُر6
قَد غَدا يَحمِلُني في أَنفِهِ ... لاحِقُ الإِطلَينِ مَحبوكٌ مُمِر[7].
وهو يصور في هذه المقطوعة منظرًا يماثل النظر السابق؛ فالمطر ينهمر حتى يعم الأرض من حوله، وهو يدر لها ويدنو منها بأهدابه، وحينًا يقلع فتبدو الأوتاد من الأرض ولا يلبث أن يعود وتكثر سيوله فتتوارى عن الأنظار. وتُتْرَعُ القيعان فيخرج الضب من جحره يعدو عدوًا سريعًا لما يرى من كثرة المطر. وما تزال السيول تتدفق حتى تغمر الأشجار؛ بل حتى لا يبدو منها إلا أعاليها. فتتراءى كأنها رءوس معممة قطعت في ساحة حرب عنيفة. وظل المطر على هذا الانصباب الشديد فترة لم تنكشف بعدها السماء؛ فقد ألقت السحب بوبلها وأثقالها تستدرها ريح الصبا الشمالية. ولم تلبث ريح الجنوب أن هبت فانهمرت الأمطار وعلت السيول حتى ضاقت بها خَيْم
1 الود: الوتد، أشجذت: أقلعت وسكنت. تشتكر: تحتفل ويكثر مطرها. وقيل: الود اسم ببل.
2 خفيفًا ماهرًا: يريد مسرعًا في عدوه وبرثن الضب: كالإصبع للإنسان. وما ينعفر: لا يصيبه العفر والتراب، يقصد أنه لا يلصق بالتراب لخفة عدوه.
3 الشجراء: الأرض ذات الشجر الكثير، ريق المطر، أوله، يريد أن المطر يغمر الأشجار فلا يبدو منها إلا أعاليها، فتتراءى كأنها رءوس قطعت وفيها الخمر وفيها العمائم.
4 انتحاها: قصدها. وابل: مطر غزير، ساقط الأكناف: دان من نواحي الأرض. واه: متخرق، منهمر: منسكب.
5 راح: عاد بالمطر في آخر النهار. تمريه: تحركه وتديره. الشؤبوب: دفعة المطر، والجنوب: ريح. منفجر: سائل.
6 ثج: سال. الآذى: الموج. وخيم وجفاف ويسر: مواضع. [7] يحملني في أنفه: يريد في أنف المطر أي أوله. لاحق الإطلين: فرس ضامر الكشحين، محبوك: موثق الخلق ومثله ممر، وأصله من الحيل الممر، وهو المحكم الفتل.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 257