نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 248
4- شعره
حاول طه حسين أن يرد شعر امرئ القيس جميعه؛ لأنه يمني من كندة وشعره قرشي اللغة، وقد مرّ بنا في غير الموضع أن كندة إن كانت يمنية الجنس؛ فقد كانت عدنانية اللغة، كما مر بنا أن لغة قريش هي التي سادت وذاعت منذ أوائل العصر الجاهلي على لسان جميع الشعراء الشماليين سواء منهم من ينتسب إلى القبائل العدنانية ومن ينتسب إلى القبائل اليمنية. وقد أسلفنا أن أشعاره وأخباره دخلها وضع كثير؛ غير أن هذا كله لا ينتهي بنا إلى إنكار شعره جملة، وقد رأينا أننا لم نبق منه إلا على قلة قليلة.
ولعل أول ما يلاحظ على هذه الأشعار القليلة أنها تنقسم قسمين واضحين: قسمًا نظمه قبل مقتل أبيه، وقسمًا نظمه بعد مقتله. أما القسم الأول: فلا يعدو المعلقة، والمطولة الثانية في ديوانه "ألا عِمْ صباحًا أيها الطلل البالي" وهما جميعًا مما رواه الأصمعي والمفضل الضبي وأبو عبيدة كما يتبين من تخريجهما في طبعة الديوان بدار المعارف. وإذا رجعنا إلى المعلقة وجدنا فيها جزءًا خاصًّا بوصف البرق والمطر والسيول، ونجد نفس الموضوع في القطعة السابعة والعشرين التي رواها أبو عمرو بن العلاء عن ذي الرمة. ولعل في ذلك ما يؤكد صحة هذا الجزء على الأقل. ونحن نعرف أن امرأ القيس شب في ديار بني أسد بالقرب من تيماء[1]، وأن عبيد بن الأبرص كان يعاصره، وقد اشتهر بين الرواة بوصفه للمطر وإحسانه فيه[2]. واجتماعهما على هذا الوصف دليل بين على صحة ما ينسب إلى امرئ القيس منه.
ومعنى ذلك أن المعلقة تحمل بين ثناياها ما يؤكد نسبتها إلى امرئ القيس، وهو يستهلها بقوله:
قفا نَبْك من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ ... بِسِقط اللوَى بين الدخول فحَوْمَلِ3 [1] لعل من أكبر الدلالة على ذلك الأمكنة التي يذكرها في معلقته فجميعها من منازل بني أسد. [2] ابن سلام: ص76.
3 السقط: منقطع الرمل، واللوى حيث يلتوي ويرق؛ وإنما خص منقطع الرمل وملتواه لأنهم كانوا لا ينزلون إلا في صلابة من الأرض، والدخول وحومل: موضعان.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 248