نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 241
وجدوه في شعره يفخر بمغامراته الغرامية، وكأنهم أرادوا أن لا يخلوه في القسطنطينية من ضرب من ضروب هذه المغامرات الجريئة، وقد تمادوا فجعلوه يدخل مع القيصر الحمام وقالوا إنه كان ينادمه، وإن ابنته نظرت إليه فعشقته وواصلته.
والحق أن القصص لعب دورًا واسعًا في حياة امرئ القيس؛ بحيث طمست معالمها، سواء قبل مقتل أبيه أو بعده. ومن ثم ذهب طه حسين إلى أن حياته بتفاصيلها وبما تزعمه من ذهابه إلى قيصر وموته في رجوعه من عنده إنما هي تمثيل لحياة عبد الرحمن بن الأشعث الكندي الذي ثار على الحجاج وحاول الاستعانة بملك الترك، وأخفق في مسعاه[1]. وفيما ذهب إليه طه حسين ضرب من المبالغة والخيال البعيد.
وإذا رجعنا إلى المؤرخين البيزنطيين لم نجد عندهم أي إشارة إلى امرئ القيس ابن حجر الكندي وزيارته لبيزنطة وطلبه النصرة منها ضد المنذر بن ماء السماء، وقد ورد عند "بروكوبيوس" اسم شخص يدعى قيسًا اقترن اسمه بغزو الحبشة لليمن سنة 524 للميلاد، ويقال إن القيصر طلب منه أن يقود الجيوش ضد الفرس، وذكر "نونوسوس" أن جوستنيان كلفه بالسفارة لديه[2]. ومن ثم ظن كوزان دي برسفال أن قيسًا المذكور عند هذين المؤرخين هو امرؤ القيس[3]، وخاصة حين رآه يزور القسطنطينية، وأكبر الظن أن هذا مجرد تشابه في الأسماء.
على أن بعض المصادر التاريخية اليونانية ذكرت في صراحة اسم شخص يدعى امرأ القيس كان من العرب التابعين لملوك الفرس، وقد جعل يغير على القبائل في شمالي الحجاز ويبسط سلطانه عليها وقد استطاع أن يستولي على جزيرة يوتابه Lotabe –جزيرة تيران الحالية في مدخل خليج العقبة- ويطرد منها عمال المكوس عند الروم، وعاد فرأى أن يصانع الروم، مخافة غزوهم له؛ فأرسل إلى بيزنطة أسقف العرب الذين خضعوا لحكمه سنة 473 للميلاد، ليفاوض قيصر في أن يعينه حاكمًا على جنوبي الأردن وساحل خليج العقبة، ويمنحه لقب فيلارك. ونجح الأسقف في [1] في الأدب الجاهلي: ص211 وما بعدها. [2] جواد علي: 3/ 265 وما بعدها. [3] انظر جواد علي في نفس الصفحة.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 241