العلم والجهل قرونا عديدة حتى انتهى أمره بالثورة الفرنسية, فكانت هي القضاء الأخير على الوحشية السالفة، والهمجية القديمة.
أيها الفيلسوف التاريخي: إنك لا بد تعلم ذلك حق العلم؛ لأنه أقل ما يجب على المؤرخ أن يعلمه كما تعلم أن المدنية الإسلامية إذا وسعت غيرها فأحر بها أن تسع نفسها، ولكن التعصب الديني قد بلغ من نفسك مبلغه فما كفاك أن أنكرت فضل صاحب الفضل عليك حتى أنكرت عليه فضله على نفسه.
لا حاجة بي إلى أن أشرح لك المدنية الإسلامية أو أسرد لك أسماء علمائها وحكمائها ومؤلفاتهم في الطبيعة والكيمياء والفلك والنبات والحيوان والمعادن والطب والحكمة والأخلاق والعمران, أو أعدد لك مدارسها ومجامعها ومراصدها في الشرق والغرب أو أصف لك مدنها الزاهرة، وأمصارها الزاخرة، وسعادتها وهناءها، وعزتها وسطوتها، فأنت تعرف ذلك كله إن كنت مؤرخا كما تقول.
غير أني لا أنكر عليك ما لحق بالمسلمين في هذه القرون الأخيرة من الضعف والفتور، وما أصاب جامعتهم من الوهن