ولا يقتتلون، ولا يكفر بعضهم بعضا، ولا يبغي أحد منهم على أحد.
أيها الفيلسوف التاريخي: إن كان لا بد من الاستدلال بالأثر على المؤثر فالمدنية الغربية اليوم أثر من آثار الإسلام بالأمس, والانحطاط الإسلامي اليوم ضربة من ضربات المسيحية الأولى، وإليك البيان:
جاء الإسلام يحمل للنوع البشري جميع ما يحتاج إليه في معاده ومعاشه، ودنياه وآخرته، وما يفيده منفردا، وما ينفعه مجتمعا.
هذب عقيدته بعدما أفسدها الشرك بالله والإسفاف إلى عبادة التماثيل والأوثان وإحناء الرءوس بين أيدي رؤساء الأديان, وأرشده إلى الإيمان بربوبية إله واحد لا يشرك به شيئا، ثم أرشده إلى تسريح عقله ونظره في ملكوت السموات والأرض ليقف على حقائق الكون وطبائعه، وليزداد إيمانا بوجود الإله وقدرته وكمال تدبيره، وليكون اقتناعه بذلك اقتناعا نفسيا قلبيا فلا يكون آلة صماء، في يد الأهواء، تفعل به ما تشاء، ثم أرشده إلى مواقف تذكره بربه، وتنبهه من غفلته، وتطرد الشرور والخواطر السيئة عن نفسه كلما ابتغت إليها سبيلا وهي مواقف العبادات، ثم أطلق له الحرية في القول والعمل ولم يمنعه إلا من الشرك بالله والإضرار