نام کتاب : المرقصات والمطربات نویسنده : ابن سعيد المغربي جلد : 1 صفحه : 80
أما أنس الوجود فإنه بعد كتابة الأبيات وإرسالها إلى محبوبته ورد صبر إلى ثاني الأيام وقصد بيتها. فسأل عنها الخادمة فأعلمته بالخبر وأطلعته على ما كتبت من أبيات على الباب فلما قرأ تلك الأبيات زاد منه الوجد والقلق وسار في عرض القفار لا يرتاح إلى سمير ولا يلذ له الكلام. إلى أن رأى رجلاً أهداه إلى مكانها فبينما هو سائر إلى حبيبته وقع نظره على حمام يهزأ منه الأيك فهاج منه لاعج الغرام وأنشد:
يا حمام الأيك أقريك السلام ... يا أخا العشاق من أهل الغرام
أنني أهوى غزالاً أهيفاً ... لحظه أقطع من حد الحسام
في الهوى أحرق قلبي والحشا ... وعلا جسمي نحول وسقام
ولذيذ الزاد قد حرمته ... مثل ما حرمت من طيب المنام
وأصطباري وسلوى رحلا ... والهوى بالوجد عندي قد أقام
كيف يهنا العيش لي من بعدهم ... وهم روحي وقصدي والمرام
أما حبيبته ورد فإنها بينما كانت تخطر حول خيامها إذ رأت موكباً حافلاً عن بعد فدنت منه فإذا في وسطه أمير خطير فلما وقع نظره عليها عجب من رائق جمالها وهاله ما رأى فيها من شدة الضعف والهزال فسألها عن حالها وما ألم بها. فأعلمته القصة على التمام وما جرى لها أولاً وآخراً. فرق لها قلبه وبعث فاسترضى أباها وأرسل من يأتي بأنس الوجود. فما مضى إلا القليل حتى صادفوه قريباً من خيام محبوبته. فلما جاءوا به إليها مالت غليه كغصن البان فضمها إلى صدره وأنشد:
ما أحيلاها ليلات الوفا ... حيث أمسى لي حبيبي منصفا
نصب السعد لنا أعلامه ... وشربنا منه كأساً قد صفا
وأجتمعنا وتشاكينا الأسى ... وليلات تقضت بالجفا
ونسينا ما مضى يا سادتي ... وعفا الرحمن عما سلفا
وعاشا معاً في ألذ عيش وأهنأ بال، وكان لا يفارقها لحظة واحدة، وهكذا تذوق لذة الحب بعد العذاب الأمر..
وما أحلى الهناء بعد الشقاء.
وهذه الأبيات المختارة لعدة شعراء من شعراء الحب في المرقص من الشعر والغز والوصف والشكوى والحنين لأشهر العشاق والغرام في العصور الغابرة. وقد إنتقيناها نظراً لأهميتها وتتناسب مع مواد الرقصات المطربات.
لأحد العشاق يخاطب بها معشوقته:
أميرة الحسن حلي قيد أسراك ... واشفي بعذب اللمى تعذيب مضناك
أميرة الحسن لم أدرِ الغرام ولا ... حر الجوى بل ما شاهدت رؤياك
أميرة الحسن خافي الله وأعدلي ... بالحكم إن كان رب الجمال ولاك
أميرة الحين أمري غير منكتم ... عن الأنام فكيف اليوم يخفاك
يذوب جسمي ويفنى الصبر إن عبرت ... دقيقة لا أرى فيها محياك
لو كنت أكتب ما يلقون من ورق ... وصفاً بحسنك ما حصلت معناك
إن تنكري عند قاضي الحب سفك دمي ... فلي عليكِ شهود منك خدّاك
سأكتم احب حتى ينقضي اجلي ... وتنتهي أدمعي من جفني الباكي
وإن حكى لك وجدي النسيم وما ... لقيت بعد النوى فأصغي إلى الحاكي
ثم قال.
كيف السبيل وما نسيت هواكم ... يوماً ولا أنساه طول زماني
إن غبتم عني فرسم جمالكم ... ما زال مطبوعاً على أعياني
تبكي عيوني في الصباح وفي المسا ... والدمع قرّح بعدكم أجفاني
روحي فداكم يا كرام فواصلوا ... وتكرموا فالنوم قد جافاني
يفني الزمان ولا أخون عهودكم ... أبداً ولو قاسيت كل هوان
نارٌ بقلبي لا يزال سعيها ... متأججاً من جمرة الهجران
أصبوا إليكم كلما برق سري ... أو ناح طير الأيك في الأغصان
مسكين هذا الشاعر العاشق لم يذق حلاوة حب أو ثمرة غرام ...
قال أحدهم والحب كواه بناره:
يا جميل العشاق بالله خبروا ... إذا إشتد عشق بالفتى كيف يصنع
يصبر على هواه ثم يكتم أمره ... ويصبر في كل الأمور ويخضع
نام کتاب : المرقصات والمطربات نویسنده : ابن سعيد المغربي جلد : 1 صفحه : 80