نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 108
على أنه كان مولعًا بالشذوذ الجنسي، ومما روي له من ذلك قوله في غلام1:
عالِمٌ بِحُبِّيهِ ... مُطْرِقٌ من التِّيهِ
يوسفُ الجمال وفر ... عونُ في تعدِّيه
لا وحقِّ ما أنا من ... عطفه أرجِّيه
ما الحياة نافعة ... لي على تأبِّيه
النعيم يشغله ... والجمال يطغيه
فهو غير مكترثٍ ... للذي ألاقيه
تائه تزهّده ... في رغبتي فيه
والولع بالغلمان كان آفة هذا العصر، ومن يقرأ الأغاني يخيل إليه أن هذا الولع كان عامًّا بين الشعراء، وكان دور اللهو تعج بهم؛ فقلما توجد دار لهو دون أن يكون فيها ظبي غرير أو ظبية غريرة بل ظباء مختلفة، ولعلنا لا نغلو إذا زعمنا أن ما خلفه العصر العباسي من الغزل الشاذ بالغلمان يعدل ما خلفه من الغزل بالجواري والقيان. وكان الشعراء في هذا الغزل جميعه لا يعبرون غالبًا عن عواطف روحية؛ إنما يعبرون عن لذائذ حسية مسفَّة. وتعلَّق الحسين على شاكلة أبي نواس بالأديرة ووَصف قساوستها ورهبانها، ومن قوله في دير مُدْيان2:
يا دَيْرَ مُديان لا عرِّيت من سكن ... هَيَّجت لي سقمًا يا دير مُدْيانا
هل عند قَسّك من علم فيخبرنا ... أم كيف يُسعف وجه الصَّبر مَن بانا
حُثَّ المدام فإن الكأس مترعةً ... مما يهيج دواعي الشوق أحيانًا
وأكثر الشعراء من التغني بالأديرة وخمورها، حتى ليؤلف ذلك ديوانًا خضمًا من دواوين الشعر العباسي، ولعل ذلك ما جعل القدماء يكثرون من التأليف في هذا الموضوع، وربما كان أهم شاعر أكثر من النظم فيه في أثناء القرن الثالث الهجري هو ابن المعتز، فديوانه يطفح بالحديث عن الأديرة المطيرة ودير السوسي
1 أغاني 7/ 185.
2 أغاني 7/ 193.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 108