responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 109
ودير عَبْدون، وفيه يقول1:
سقَى الجزيرة ذات الظلّ والشجر ... وَدَيْر عبدون هَطَّالٌ من المطر
يا طالما نبَّهتني للصَّبوح به ... في ظلمة الليل والعصفور لم يَطِر
أصوات رهبانِ دَيْرٍ في صلاتهم ... سود المدارع نَعَّارين في السَّحَر
ويظهر أن الرهبان كانوا يعنون بخمورهم؛ فتعلق بها الشعراء، وطلبوها من كل دَيْر، ووصفوا ما لذ لهم منها وطاب كشراب القربان الذي يقول فيه ابن المعتز[2].
أسكنوها في الدَّنِّ من عهد نوحٍ ... كظلام فيه نهارٌ حبيسُ
من شراب القرْبان يوصى بها الشمـ ... ـاسُ خزَّان بيتها والقسوسُ
والحق أن كثيرًا من الشعراء في القرنين الثاني والثالث أسرفوا على أنفسهم في اللذات، تدفعهم إلى ذلك الحضارة المادية التي عاشوها، وذهبوا يصورون ذلك في صراحة صريحة وإباحية سافرة، لا يردعهم خلق ولا دين، فخلفوا لنا دواوين ضخمة من أدب عار مكشوف، قلما عرف أصحابه شيئًا من الخجل والحياء.
الزندقة والزهد:
رأينا الفرس يسيطرون بحضارتهم المادية على حياة الشعر والشعراء؛ فإذا تلك الحياة تطبع بطوابع قوية من اللهو والمجون. وأخذوا ينقلون تراثهم الأدبي الفارسي بكل ما فيه من معتقدات دينية عرفت بين آبائهم، فنقلوا "الأفستا" كتاب داعيتهم زرادشت وما كان يذهب إليه من أن في العالم إلهين: إلَهًا للخير والنور هو أهورا مزدا، وإلَهًا للشر والظلمة هو دروج أهرمن. وكان هذا الكتاب يشتمل على صلوات ومواعظ. وظهر بعده ماني ومزج بين عقيدته والنصرانية ودعا إلى زهد شديد، وأخذ يفسر كتاب الأفستا تفسيرًا عقليًّا؛ فعدوه في أول الأمر مارقًا، وسموا أتباعه زنادقة أي ملحدين، ولم تلبث تعاليمه أن عمت في بلاد الفرس. ولم يستطع مزدك داعيتهم الثالث الذي ظهر في أواخر القرن الخامس الميلادي أن

1 الديارات لحبيب زيات ص29.
[2] الديارات ص41.
نام کتاب : الفن ومذاهبه في الشعر العربي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست