responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزهرة نویسنده : ابن داود الظاهري    جلد : 1  صفحه : 223
وقف أعرابيّ على الحسين بن علي رضوان الله عليه في المسجد الحرام وحوله حلقة فقال لبعض جلسائه: من هذا الرجل، فقال: الحسين بن علي، فقال إياه أردتُ، فقال: وما تصنع به يا أعرابيّ فقال: بلغني أنهم أهل بيت حكمة، وأنهم يتكلمون فيعربون في كلامهم وإنِّي قد قطعت بوادي وقفاراً، وأودية، وجئت لأطارحهُ الكلام، وأسأله عن عويص العربية فقال له: إن كنت جئت لهذا فابدأ بذلك الشاب، وأومأ بيده إلى الحسين بن علي، فوقف عليه الأعرابي، فسلَّم، فرد السلام ثمَّ قال: ما حاجتك يا أعرابي، فقال: إنِّي قد جئتك من الهرقل والجُعلل والأيتم والهيهم فتبسم الحسين وقال: يا أعرابيّ لقد تكلمت بكلام لا يعقله إلاَّ العالمون. قال الأعرابي: وأقول أكثر من هذا فهل أنت مُجيبي على قدر ذلك فقال الحسين: قل ما شئت، فإنِّي مجيبك عنه، فقال الأعرابي: أنا بدوي، وأكثر مقالاتي الشعر، وهو ديوان العرب، فقال له الحسين: قل ما شئت فإنِّي مجيبك عنه فأنشأ الأعرابي يقول:
هفا قلبيَ للهو ... وقد ودَّع شَرخيه
وقد كان أنيق ال ... غصن جرّاري ذيليه
عُلالات ولذاتٌ ... فيا سقيا لعصريه
فلما عمَّمَ الشيبُ ... من الرأس بطاقيه
وأمسي قد عنا ... ني منذُ تجداد خضابيه
تسلَّيت عن اللهو ... وألقيت بُعاعيه
وفي الدَّهر أعاجيبٌ ... لمن يلبس حاليه
فلم يعلم ذوو رأي ... أصيل فيه رأييه
لألفى عبرةً منه ... له في كرّ يوميه
فقال الحسين: قد قلتَ فأحسنت، فاسمع منّي فقال:
فما رَبْعٌ شجاني ق ... د محا آيات رسميه
ومور حرجف تترى ... علَى تلبيد نُؤييه
رأى مثعنجر الود ... ق يجودُ من خلاليْه
وقد أحمد برقاه ... فلا ذمَّ لرعديه
وقد جلجل رعداه ... فلا ذم لبرقيه
ثجيج الرعد ثجّاجٌ ... إذا أرخى نطاقيه
فأضحى دارساً قفراً ... ليبنونة أهليه
فقال الأعرابي: تالله ما رأيت كاليوم مثل هذا الغلام، وأغرب منه كلاماً، ولا أذرب منه لساناً، ولا أفصح منه منطقاً، فالتفت إليه الحسين فقال: يا أعرابيّ:
هذا غلام كرَّم الرح ... من بالتطهير جدَّيه
كساه القمر القمقام ... من نور سنائيه
ولو أعذر طمّاحٌ ... فضحنا عن عذاريه
وقد أرضيت عن شعري ... وقوَّمت عَروضيه
فقال الأعرابي: بارك الله فيكما، فوالله لقد أتيتكما وأنا مُبغضٌ لكما، وانصرفت وأنا محب لكما، راضٍ عنكما، فجزاكما الله عنِّي خيراً ثمَّ انصرف.
وبلغني أن الحارث بن حلزةً اليشكري اعتمد على سيَّة قوسه حتَّى نفذت في كفه، وهو لا يشعر بذلك، لاشتغال فكره، حتَّى فرغ من ارتجال القصيدة الَّتي يقول فيها:
آذنتنا ببينها أسماءُ ... ربّ ثاوٍ يُملُّ منه الثّواءُ
بعد عهدٍ لها ببرقة شما ... ء فأدنى ديارها الخلصاءُ
لا أَرَى من عهدت فيها فأبكي ... أهل ودّي وما يردُّ البكاءُ
أوقدت نارها بجنبي حر ... ورات فأيهات منها الصبّاءُ
غير أنِّي قد أستعين علَى ال ... همِّ إذا خفَّ بالثويِّ النَّجاءُ
وتعاليت فاستعنت بجلمود أم ... ور فيها لناجٍ نجاءُ
أتلاقي بها الهواجر إذْ ك ... ل ابن همٍّ بليَّةٌ عمياءُ
وفعلنا بكم كما قدر الله ... وما أن للحائنين دماءُ
وزعمتم أن كل من ضرب ال ... عير موالٍ لها وأنَّى الولاءُ
مثلهم يخرج الجموع من ال ... غلاق لا رأفة ولا إبقاءُ
وثمانون من تميم بأيديهم ... رماحٌ صدورهنَّ القضاءُ
لا يقيم العزيز بالبلد السوء ... ولا ينفع الخليَّ الخلاءُ
جمعوا أمرهم بليلٍ فلمّا ... أصبحوا أصبحت لهو غوغاءُ
فحملناهم بطعنٍ كما تنهز ... في جُمة الطوي الدِّلاءُ
وثنيناهم بضرب كما يخرج ... من خربة المزاد الماءُ
ورقدنا ببيت غسان فالمنذر ... كرهاً إذْ لا تكال الدماءُ
مثلهم تخرج النصيحة لل ... قوم فلاةٌ من دونها أفلاءُ
إذْ رفعنا الجمال من سعف البحر ... ين سيراً حتَّى تناهى القضاءُ
وهزمنا جموع أم قطامٍ ... وله فارسية خضراءُ

نام کتاب : الزهرة نویسنده : ابن داود الظاهري    جلد : 1  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست