خليليَّ هلْ من نظرةٍ توصلانها ... إلى وجناتٍ ينتسبْنَ إلى الوردِ
وقد كادَ هذا القلبُ ينقدُّ دونهُ ... إذا اهتزَّ في قربٍ من العينِ أوْ بعدِ
فلو تُمْكنُ الشَّكوى لخبَّركَ البكا ... حقيقةَ ما عندي وإن جلَّ ما عندي
وقال أيضاً:
أنسيمُ هلْ للدَّهرِ وعدٌ صادقُ ... فيما يؤمِّلهُ المحبُّ الوامقُ
ما لي فقدْتُكَ في المنامِ ولم يزلْ ... عوْنَ المشوقِ إذا جفاهُ الشَّائقُ
أمنعْتَ أنتَ منَ الزِّيارةِ رِقبةً ... منهم فهلْ منعَ الخيالُ الطَّارقُ
الآنَ جازَ بنا الهوَى مِقدارهُ ... في أهلهِ وعلمتُ أنِّي عاشقُ
ولبعض أهل هذا العصر:
وقدْ كنتُ لا أرضى منَ النَّيلِ بالرِّضا ... وأقبلُ ما فوقَ الرِّضى مُتلوِّما
فلمَّا تفرَّقنا وشطَّتْ بنا النَّوى ... قنعْتُ بطيفِ منكَ يأتي مُسلِّما
فساعفني وهناً خيالكَ في الكرى ... فزارَ وحيَّا ثمَّ قامَ فسلَّما
بنفسي وأهلي من خيالٍ ألمَّ بي ... فداوى سقامي ثمَّ بانَ فأسقما
فواحسرتا لم أدرِ أنَّى اهتدى لنا ... ولمْ أدرِ إذْ ولَّى إلى أينَ يمَّما
رعاهُ ضمانُ اللهِ في كلِّ حالةٍ ... وإن ذرفَتْ عيني لفرقتهِ دما الباب السابع والثلاثون
من مُنع من النَّظر استأنس بالأثر
قال بعض الأعراب:
أيا شجراتِ الوابشيَّاتِ إنَّني ... لكُنَّ علَى مرِّ الزَّمانِ صديقُ
ولو لم تُجاوركُنَّ أسماءُ لم يصلْ ... إليكنَّ من قلبي الغداةَ فريقُ
يميلُ الهوَى بي نحوكُنَّ وقد أرى ... بعينيَّ ما لي نحوكنَّ طريقُ
فلوْ كنتُ أُهدي الغيثَ أو كنتُ والياً ... علَى الماءِ لم تعطشْ لكُنَّ عروقُ
وقال آخر:
يا سرحةَ الدَّوحِ أينَ الحيُّ واكبدي ... لهفاً تذوبُ وبيتِ اللهِ من حسرِ
ها أنتِ عجماءُ عمَّا قد سُئِلتِ فما ... بالُ المنازلِ لم تنطقْ ولم تحرِ
يا قاتَلَ اللهُ غادات قرعنَ لنا ... حبَّ القلوبِ بما استودعْنَ من حورِ
عنَّتْ لنا وعيون من براقعها ... مكنونةٌ مُقلُ الغزلانِ والبقرِ
باللهِ يا ظبياتِ القاعِ قُلنَ لنا ... ليْلايَ منكنَّ أم ليلَى منَ البشرِ
يا ما أُميْلَحَ غزلاناً شدنّ لها ... هوَ لِباي بينَ الضَّالِ والسَّمُرِ
وقال بعض الأعراب:
ألا هلْ إلى شمِّ الخُزامى ونظرةٍ ... إلى قرقرى قبلَ المماتِ سبيلُ
أيا أثلاتِ القاعِ من بطنِ توضحٍ ... حنيني إلى أفيائكُنَّ طويلُ
ويا أثلاتِ القاعِ قد ملَّ صُحبتي ... سُرايَ فهل في ظلِّكنَّ مقيلُ
ويا أثلاتِ القاعِ قلبي معلَّقٌ ... بكُنَّ وجدْوى خيركُنَّ قليلُ
ويا أثلاتِ القاعِ ظاهرُ ما بدا ... بجسمي علَى ما في الفؤادِ دليلُ
وقال بشر بن هذيل العبسي:
فيا طلحتَيْ لوذانَ لا زالَ فيكُما ... لمنْ يبتغي ظلَّيْكُما فننانِ
وإن كنتما قد هجتُما لوعةَ الهوَى ... ودانيْتُما ما ليسَ بالمتدانِ
وقال آخر:
تجرَّمَ أهلوها لئنْ كنتُ مُشعراً ... جَنوباً بها يا طولَ هذا التجرُّمِ
وما ليَ من ذنبٍ إليهمْ علمتهُ ... سوى أنَّني قد قلتُ يا سرحةُ اسلَمي
بلى فاسلَمي ثمَّ اسلمي ثمَّتَ اسلمي ... ثلاثَ تحيَّاتٍ وإن لم تكلَّمي
وقال حميد بن ثور:
أبى اللهُ إلاَّ أنَّ سرحةَ مالك ... علَى كلِّ آفاقِ العضاهِ تروقُ
نمى النَّبتُ حتَّى نالَ أفنانَها العلى ... وفي الماءِ أصلٌ ثابتٌ وعروقُ
فيا طيبَ ريَّاها ويا بردَ ظلِّها ... إذا حانَ من شمسِ النَّهارِ زروقُ
وهلْ أنا إنْ علَّلتُ نفسي بسرحةٍ ... منَ السَّرحِ موجودٌ عليَّ طريقُ
حمى ظلَّها شكْسُ الخليقةِ خائفٌ ... عليها غرامَ الطَّائفينَ شفيقُ
فلا الظِّلُّ منها بالضُّحى نستطيعهُ ... ولا الفيءُ منها في العشيِّ نذوقُ
وقال آخر:
أيا نخلتَيْ أوْلٍ سقى الأصلَ منكُما ... مُهيجُ الرُّبى والمدجناتُ رواكُما
ويا نخلتَيْ أوْلٍ إذا هبَّتِ الصَّبا ... وأمسيْتُ مقروراً ذكرْتُ ذُراكُما