تُطيلينَ ليَّاني وأنتِ مليَّةٌ ... وأُحسنُ يا ذاتَ الوشاحِ التَّقاضيا
هيَ السِّحرُ إلاَّ أنَّ للسِّحرِ رُقيةً ... وأنِّيَ لا ألقى منَ الحبِّ راقيا
وقال أيضاً:
تحنُّ إلى ميٍّ وقدْ شطَّتِ النَّوى ... وما كلُّ هذا الحبِّ غيرُ غرامِ
لياليَ ميٌّ موتةٌ ثمَّ نشرةٌ ... لما ألمحتْ من نظرةٍ وكلامِ
وقال آخر:
يقولون ليلى بالعراقِ مريضةٌ ... فأقبلتُ من مصرٍ إليها أعودُها
فوالله ما أدري إذا أنا جئتُها ... أَأُبرئُها من دائها أمْ أزيدها
ولقد أحسن الطائي حيث يقول:
أمْتعتُ طرفي يومَ ذاكَ بنظرةٍ ... لا تُمتعُ الأرواحَ بالأجسادِ
وأنشدني أبو طاهر الدمشقي:
دوائيَ مكروهي ودائي محبَّتي ... فقدْ عيلَ صبري كيفَ بي أتقلَّبُ
فلا كمدٌ يبلى ولا لكِ رحمةٌ ... ولا عنكِ إقصارٌ ولا عنكِ مذهبُ
وقال علي بن محمد العلوي:
كمْ نظرةٍ منها شجيتُ لها ... قامتْ مقامَ الفقدِ للنَّظرِ
ولَّى بأوطاري ولستُ أرى ... عيشاً يُهشُّ لهُ بلا وطرِ
وأنشدنا أحمد بن أبي طاهر:
نازعني من طرفهِ الوَحْيا ... وهَمَّ أن ينطقَ فاستحْيا
جرَّدَ لي سيفيْنِ من لحظهِ ... أماتَ عن ذا وبِذا أحيى
وقال الحسين بن الضحاك المعروف بالخليع:
وأتاني مُفحمٌ بغرَّتهِ ... قلتُ لهُ إذ خلوْتُ مُحتشما
تحبُّ بالله من يخصُّكَ بالحبِّ ... فما قالَ لا ولا نعما
ثمَّ تولَّى بمُقلتيْ خجلٍ ... أراد ردَّ الجوابِ فاحتشما
فكنتُ كالمُبتغي بحيلتهِ بُرءاً ... من السُّقمِ فابتدا سقما
وقال آخر:
تأمَّلتُها مُغترَّةً فكأنَّما ... رأيتُ بها من سُنَّةِ البدرِ مَطلعا
إذا ما ملأتُ العينَ منها ملأتُها ... من الدَّمعِ حتَّى أنزفَ الدَّمعَ أجمعا
وقال آخر:
تمنَّيتُ من أهوى فلمَّا لقيتُهُ ... بَهتُّ فلمْ أُعملْ لِساناً ولا طرفا
فأغضيتُ إجلالاً لهُ ومهابةً ... وحاولتُ أن يخفى الَّذي بي فلمْ يخفى
وأنشدني أحمد بن أبي طاهر لعلي بن الجهم لنفسه:
ولمَّا بدتْ بينَ الوُشاةِ كأنَّها ... عناقُ وداعٍ يُشتهى وهو يقتلُ
أيِسْتُ من الدُّنيا فقلتُ لصاحبي ... لئنْ عجلتْ للموتِ أوحى وأعجلُ
وقال آخر:
أيُّها النَّائمون حولي هنيئاً ... هكذا كنتُ حينَ كنتُ خليّاً
منْ رآني فلا يُديمنَّ لحظاً ... وليكنْ من جليسه سامريّاً
وقال مسلم بن الوليد:
أديرا عليَّ الكأسَ لا تشربا قبلي ... ولا تطلُبا من عندِ قاتلي ذحْلي
فما حزَني أنِّي أموتُ صبابةً ... ولكن علَى من لا يحلُّ لها قتلي
أُحبُّ الَّتي صدَّتْ وقالتْ لِترْبها ... دعيهِ الثُّريَّا منهُ أقربُ من وصلي
أماتتْ وأحيتْ مُهجتي فهيَ عندها ... مُعلَّقةٌ بينَ المواعيدِ والمطْلِ
وما نلتُ منها طائلاً غيرَ أنَّني ... بشجوِ المُعنَّيْنَ الأولى سلفوا قبلي
بلى ربَّما وكَّلتُ عيني بنظرةٍ ... إليها تزيدُ القلبَ خبلاً علَى خبْلِ
وقال أيضاً:
عرفتُ بها الأشجانَ وهيَ خليَّةٌ ... من الحبِّ لا وصلٌ لديها ولا هجرُ
أراها فأطوي للنَّصيحِ عداوةً ... وأحمدُ عُقبى ما جنى النَّظرُ الشَّزْرُ
فلا سيَّما العُذَّالَ فيها ملامهُمْ ... ألستُ إذا لاموا أبيتُ ولي عذرُ
شكوتُ فقالوا ضقتَ ذَرعاً بحبِّها ... متى تُملكُ الشَّكوى إذا غُلبَ الصَّبرُ
ألمَّتْ بنا في العائداتِ من أهلها ... فأذْكتْ غليلاً ما لديها بهِ خُبرُ
ولبعض أهل هذا العصر:
إذا كان اللِّقاءُ يزيدُ شوقاً ... وكان فراقُ من أهوى يشوقُ
فليسَ إلى السُّلوِّ وإنْ تمادى ... عتابُكَ في الهوَى أبداً طريقُ
ومنْ يكُ ذا سقامٍ إنْ تداوى ... تزايدَ سُقمهُ فمتى يُفيقُ
وله أيضاً:
إذا زارَ الحبيبُ أثارَ شوقاً ... تفتَّتُ من حرارتهِ العِظامُ
وروَّاني بعينيهِ مُداماً ... تدينُ بسُكرِ شاربها المُدامُ
فوصلٌ يُكسبُ المُشتاقَ سُقماً ... ونأيٌ لا يقومُ لهُ قِوامُ