ما علاقة هذا العلم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم؟ تعلمون يا أيها الأحباب أن الحديث هو المصدر الثاني للتشريع، ومعرفة أسراره ومعانيه والمراد منه والأحكام المستخلصة منه يتوقف على معرفة اللغة العربية نحوًا وصرفًا ولغةً وبلاغةً، وبخاصة أمثلة الأسماء وأبنية الأفعال وجهات الإعراب، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأدَّاها كما سمعها، فرب حامل فقهٍ غير فقيه، وربَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فإذا كان هذا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يُلزمنا أن نعرف مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامه حتى نبلغه كما أراد صلى الله عليه وسلم، هذه علاقتنا بعلم الحديث.
أما علاقتنا بعلم الفقه وأصوله، لاشك أن المطلع على أصول الفقه يعرف معرفةً تامةً مدى هذه العلاقة، وأن كثيرًا من أبواب أصول الفقه كأنك تدرسه في أبواب علم النحو، لا فرق بينهما في كثيرٍ من الأمور.
أما علم العقيدة فارتباطها بعلوم اللغة العربية ارتباطٌ وثيقٌ قويٌّ، ذلك أن العقيدة الصحيحة إنما تؤخذ من الكتاب والسنة، وفهمها بتأويلٍ وبدون تأويل مُعتمدٌ على معرفة اللغة العربية وعلومها المختلفة، وللأسف الشديد فقد زاغ كثيرٌ ممن زاغ عن العقيدة الصحيحة بسبب عدم الفهم الصحيح للغة العربية، أو بسبب التأويل المنحرف عن القصد الحقيقي الصحيح، فزاغوا وأزاغوا مع الأسف الشديد.
هذه أبرز علوم الدين الإسلامي ومدى علاقتها باللغة العربية، وننتقل بعد ذلك إلى معرفة بداية التأليف في هذا العلم.