اعلموا يا أيها الأحباب أن هذا العلم –وهو علم النحو- اختلف في من كان له قصب السبق، وأكثر الأقوال وأقواها تقول إنه أبو الأسود الدؤلي بناءً على أمرٍ من الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونحن هنا نقول إن سبب تأليف هذا العلم إنما هو- يا أيها الأحباب- توسع الفتوحات الإسلامية ودخول العجم بين العرب واختلاطهم بهم وفساد الألسنة بناءً على هذا الاختلاط.
ويُروى في الكتب التي تؤلف لتاريخ النحو روايات كثيرة، تبين هذه الروايات انتشار اللحن قبيل الأمر بالتأليف في هذا العلم، ويُروى في حديثٍ ضعيف أن رجلا لحن بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم –وهو إن لم يكن موضوعًا فهو ضعيف-، لكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لحن هذا الرجل بحضرته قال (أرشدوا أخاكم فقد ضل) ، وأنا كنت في بدايات أول ما كنت أتحدث عن تاريخ النحو أذكر هذا الحديث حتى تبين لي أنه ضعيف.
على كل حال يُروى روايات أخرى عن صور من انتشار اللحن في الكلام، منها أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ على قومٍ يُسيئون الرمي فقرّعهم وأنّبهم على ذلك، فقالوا له: إنَّا قومٌ مُتعلمين، فقال رضي الله عنه: والله لخطؤكم في لسانكم أشد عليّ من خطئكم في رميكم.