أما علم التفسير فقد اشترطوا فيمن يتصدى لهذا العلم أن يكون عالمًا باللغة العربية وبكل فنونها، وأولها فن النحو، فإنه إذا لم يكن متقنًا لهذا العلم فإنه يبعد عليه أن يكون مُفسرًا تفسيرًا قويمًا، لأن بعض الكلام فيه تقديم وفيه تأخير، انظروا مثلا إلى قول الله عزّ وجلّ ? إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ? [فاطر: 28] ، لو لم تعرف أن العلماء هنا يجب تأخيرها مع أنها فاعل لأنها هي المحصورة، لو لم تعرف هذا لنقص عليك شيءٌ وأنت تتصدى لتفسير كتاب الله عزّ وجلّ.
نص أبو حيّان في كتابه البحر المحيط فيما يحتاج إليه علم التفسير من علوم فقال: "النظر في كتاب الله تعالى يكون من وجوه، الوجه الأول: علم اللغة اسمًا وفعلا وحرفًا، ويؤخذ ذلك من كتب اللغة. الوجه الثاني: معرفة الأحكام التي للغة العربية من جهة إفرادها ومن جهة تركيبها، ويؤخذ ذلك من كتب النحو. الوجه الثالث: كون اللفظ أو التركيب أحسن وأفصح، ويؤخذ ذلك من علم البيان والبديع"، ثم ذكر أربعة أوجه أخرى تؤخذ من معرفة أسباب النزول وأصول الفقه وعلم العقيدة وعلم القراءات، هذه أصول من يريد التفسير، فإذًا لابد له أن يكون متقنًا لهذا العلم حتى يتصدى لهذا العمل.