ويشير الجرجاني إلى ما يراه بتقديم المحدَّث عنه فيقول: "فأنت قلت فمن أين وجب أن يكون تقديم ذكر المحدث عنه بالفعل آكد لإثبات ذلك الفعل له، وأن يكون قوله: هما يلبسان المجد، أبلغ في جعلهما يلبسان، من أن يقال: يلبسان المجد /101". وهو يعلل ذلك فيقول: "قلت ذاك من أجل أنه لا يؤتى بالاسم معرّى من العوامل إلا لحديث قد نوي إسناده إليه، وإذا كان كذلك فإذا قلت: عبد الله فقد أشعرت قلبه بذلك أنك قد أردت الحديث عنه، فإذا جئت بالحديث فقلت مثلاً: قام، أو قلت: خرج، أو قلت: قدم، فقد علم ما جئت به، وقد وطَأت له وقدَّمت الإعلام فيه، فدخل على القلب دخول المأنوس به، وقبله قبول المتهيئ له المطمئن إليه، وذلك لا محالة أشد لثبوته وأنفى للشبهة وأمنع للشك وأدخل في التحقيق –101 /102"، وأردف: "وجملة الأمر أنه ليس إعلامك الشيء بغتة مثل إعلامك له بعد التنبيه عليه والتقدمة له، لأن ذلك يجري مجرى تكرير الإعلام في التأكيد والأحكام".
وذكر الجرجاني بعض المواضع التي لا بد فيها من الأخبار عن الاسم بالفعل، فقال: "ومما هو بهذه المنزلة في أنك تجد المعنى لا يستقيم إلا على ما جاء عليه من بناء الفعل على الاسم، قوله تعالى: إنَّ وليي الله الذي نزَّل الكتاب وهو يتولَّى الصالحين –الأعراف /195، وقوله تعالى: وقالوا أساطير الأوَّلين اكتتبها فهي تُملَى عليه بُكرة وأصيلاً –الفرقان /5، فإنه لا يخفى على من له ذوق أنه لو جيء في ذلك بالفعل غير مبنيّ على الاسم، فقيل: إن وليي الله الذي نزَّل الكتاب ويتولَّى الصالحين، بحذف هو، واكتتبها تُملى عليه، بحذف هي، لوجد اللفظ قد نبا عن المعنى، والمعنى قد زال عن صورته والحال التي ينبغي أن يكون عليها –105 /106".
مذهب الجرجاني في ضوء علم اللغة الحديث: