نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 381
غير أنه توجد من جهة أخرى، لغات لا نحو لها، ينحصر نظامها الصرفي في وسائل غير ملموسة، من تركيب كلمات منعزلة. وقد ذكرنا من أمثلة هذا القبيل لغات السودان ولغات الشرق الأقصى فالخصائص الفردية تكون في هذه الحال أقل وضوحا، لأن الوسائل التي تقوم على ترتيب الكلمات فضلا عن كونها أقل تنوعا من دال النسبة الصوتية فإن قيمتها في الدلالة أقل من قيمة هذه الأخيرة. لأنه إذا كان الأمر إنما يدور حول وضع هذه الكلمة أو تلك في مكان ما من الجملة، كما هي الحال في الإيرلندية التي تضع الفعل على رأس الجملة, أو التركية التي تضعه في نهايتها، فقد يمكن اعتبار هذا الترتيب بصفة عامة نتيجة لتأثيرات آلية بعضها صرفي، ومن ثم يمكن تفسيرها بحالة اللغة العامة. أما إذا كان الأمر يتعلق باتجاه عام يخضع مكان الكلمات إلى الروابط التي توجد بين الأفكار المراد التعبير عنها، كما هي الحال في الصينية، كان هذا الاتجاه موسوما بشيء من العقلية والإطلاق يجعله ممتعا جدا في نظر من يسعى إلى تكوين نظرية عامة وإنسانية عن كليات العقل, ولكنه لا يساعد العالم اللغوي المؤرخ الذي يحاول أن يستخلص من لغة ما التفاصيل الخاصة التي تفصلها عن غيرها. وفي الوقت نفسه يستحيل تحديد القرابة اللغوية في مثل هذه الحالة المتطرفة، إذ يرى الباحث نفسه مضطرا في تحديدها إلى التعويل على المفردات، وهي كما رأينا خطة محفوفة بالأخطار. فالصينية تقول مثلا: WOO PU PHA THA وترجمته الحرفية بالفرنسية هي: moi pas craindre lui "بالعربية: أنا لا خوف هو" وهي فرنسية من نوع خاص تسمى فرنسية "الزنجي الصغير" le francais petit-negre. ولكنا نعرف من سكان إفريقية الغربية الأصليين من يتكلمون الفرنسية دائما على هذه الصورة, فلو أنهم تكلموا الصينية لتكلموها بهذه الطريقة عينها, دون اختلاف اللهم إلا في استعمالهم لكلمات أخرى، أي في حالتنا تلك في استعمالهم لأصوات أخرى، ففي "لغة الزنجي الصغير" قد تختلف المفردات فتكون فرنسية أو صينية مثلا، ولكن الصورة الكلامية فيها واحدة دائما لا تختلف، ولذلك
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 381