نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 382
لا نستطيع أن نميز فيها طريقة التفكير الفرنسية عن طريقة التفكير الصينية.
كيف نعمل إذن عندما نريد أن نصنف في عائلات بعض اللغات التي تكاد تخلو من النحو كاللغات التي أشرنا إليها، ولا سيما إذا كانت مفرداتها قد تغيرت بفعل الأحداث الخارجية؟ وهذه هي الحال مثلا في لغات إفريقية الغربية المشار إليها التي تتنوع مفرداتها إلى أقصى حد بفعل الظروف التاريخية والتي تتفق كلها من حيث الفقر النحوي أو تكاد[1]. فلما كان لا نعرف الحالات السابقة لهذه اللغات ولا نعلم من تاريخها ما يتجاوز خمسين عاما، لم يكن في وسعنا تحديد أصل مفرداتها ولا تكوينها, إذ لا يوجد لدينا في هذه الحال أية وسيلة لتصنيف هذه اللغات في أسرات؛ أو إذا أقدمنا على تصنيفها كان عملنا ينقصه كثير من التحقيق والتدقيق. فنحن هنا ضحايا لانعدام الوثائق، وضحايا أيضا لطريقتنا التي تحرم علينا أن نطلب إلى فروع المعرفة الأخرى ما نستعيض به عن نقص الوسائل اللغوية.
يجب أن نستخلص من هذه الاعتبارات أن التدليل على القرابة اللغوية شيء نسبي. ويتوقف أولا وقبل كل شيء على وفرة الأدلة اللغوية التي تكون، بعد أن يشهد لها التاريخ السياسي أو الاجتماعي. مجموعة لها قيمتها من البراهين، ولكن هذا الاستدلال في حالة اللغات المجهولة التاريخ يتوقف أيضا على ثراء القواعد النحوية وتنوعها، وأخيرا كثيرا ما تضطرب القرابة في داخل الأسرة الواحدة من جراء تأثير اللهجات بعضها على بعض.
قد يجيب بعض النظريين من علماء اللغة بأن هذا أمر ضئيل الأهمية؛ لأن القرابة اللغوية في نظرهم موجودة بصفة مطلقة، بغض النظر عن كل استدلال, ويرجعون ذلك إلى شعور الأفراد وإرادتهم في أن يتكلموا لغة آبائهم, والواقع أن مبدأ الشعور بالاستمرار اللغوي هذا يكفي في معظم الحالات في تقرير وجود القرابة اللغوية في حد ذاتها, ولكن لا يمكننا أن نقطع باستحالة وقوع خطأ ما من جانب المتكلمين؛ لأننا إذا سلمنا بقيام الخلاسية التي تدمج خصائص لغتين مختلفتين [1] دلفوس: رقم 4، مجلد 16، ص386.
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 382