نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 196
لا يستطيع تحويل الإحساسات والانفعالات إلى أفكار إلا تدريجا، وأن الفكرة تخرج من العناصر الانفعالية دون أن تقصيها إقصاء تاما, وأنه يتكون في داخل اللغة الفجائية التي هي انفعالية محضة نواة صلبة تنمو شيئا فشيئا كلما ازدادت الأجزاء المحيطة بها صلابة، وهذه هي اللغة المصطلح عليها أو النحوية، وتبقى هذه متداخلة في الأخرى، تستمد منها غذاءها باستمرار دون أن تصل إلى إنضابها بأية حالة. هذه النظرية نشوئية دينامية قبل كل شيء. تزعم أنها تفسر أصل النحو، يعني اللغة المنظمة، باستمرار العناصر البدائية غير الثابتة التي تكون ما قبل اللغة النحوية. وعندها أن هذه اللغة الأخيرة تستمر بقدر يزيد أو ينقص عند كل إنسان طول حياته، وإليها يجب أن ترجع ظواهر اللغة الانفعالية جميعها. ولكنها تستطيع هي الأخرى بطريق مضاد أن تنهل من منابع اللغة النحوية، وذلك مثلا عندما نرى أن جملة مكونة تكوينا منطقيا تصير، بفعل عكسي محض، صيحة صادرة عن غير شعور تحت تأثير ألم حاد أو رعب مفاجئ.
والواقع أن اللغة النحوية المنظمة تنظيما منطقيا لا تستقل عن اللغة الانفعالية، فبين اللغتين تأثير متبادل. وقد رأينا أن ترتيب الكلمات في كل اللغات يتجه نحو الاستقرار، إما بأن يفرض النحو عليها ترتيبا لا يتغير، وإما بأن تكون العادة قد جرت باتخاذ ترتيب بعينه في جميع الجمل التي من نوع واحد. وهذا لا يمنع من أن يكون للانفعالية وسائل عدة للظهور في تكوين الجملة. فتارة نرانا نقذف قبل الجملة بكلمة أو بقسم من جملة، مع استئنافه بعد ذلك بواسطة عنصر صرفي، أداة كانت أو ضميرا، وتارة ندفع به إلى نهاية الجملة منعزلا عن السياق مع الإعلان عنه مقدما في بنية الجملة، وأخيرا قد يكون ذلك بفصم ارتباط الجملة بغتة وجعل نصفها التالي يسير على خطة جديدة لا صلة بينها وبين النصف الأول منها هذه الطرق المختلفة الشائعة في لغة الكلام كثيرا ما استعارتها لغة الكتابة وذلك, كلما اقتضى الأمر إحداث تأثير.
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 196