فقال سلمه الله تعالى مداعباً لقد أبعدت مغزاك. وسأخبر علماء إسلامبول بذاك. فقمت إليه. ووقعت عليه. وقلت يا سيدي وحرمة القرآن. لو كان أحدهم حاضراً ما فهت بما فهت لديه. فضحك وقال مسألة القرآن طويلة الذيل. وظهر لي منه أن له إلى الجواب باعتبار الظهور غاية الميل. ثم قلت يا مولاي يحتمل أن يكون لذلك أجوبة أخر. وقبل الشروع بشيء منها حضر من حضر. فانقطع الكلام. وترك ذلك لذوي الإفهام) وأنا أقول الآن (مستعيناً بالملك المنان. قد ظفرت بنحو ما ذكرته في مختصر شرح المرزوقي للقصيدة المشار إليها) ونصه (بعد كلام في هذا البيت) قال الشارح (لم يزل الناس يعترضون هذا البيت لاقتضائه أن ليس فيما أعطيه صلى الله تعالى عليه وسلم من الآيات ما يناسب قدره لأن لو حرف امتناع لامتناع أي امتنعت الخاصة المذكورة لامتناع أن يناسب قدره العظيم شيء من آياته صلى الله تعالى عليه وسلم وهذا باطل فإن من آياته صلى الله تعالى عليه وسلم القرآن العظيم وهو كلام الله تعالى والكلام صفة وشرف الصفة بشرف الموصوف ثم قال وعنه أجوبة) وأقول (السؤال مغالطة فإن القرآن يراد به كلام الله الذي هو صفة الذات وهو المعنى القائم وهذا لم يعطه صلى الله تعالى عليه وسلم لأن الذي أعطيه معجزة والمعجزة فعل الله تعالى خارق للعادة وهو غير صفة الذات. ويراد به أيضاً الحروف الملفوظة والأصوات المسموعة وهذا هو الذي أعطيه صلى الله تعالى عليه وسلم وهو المعجزة وإطلاق القرآن على الحروف والأصوات شائع) وحينئذٍ (لا نسلم أن تكون الحروف والأصوات مناسبة لقدره عليه الصلوة والسلام انتهى بعض كلامه. ثم قال المختصر وما ذكره من كون الحروف والأصوات لا تناسب قدره صلى الله تعالى عليه وسلم قال مثله السبكي فيما قيده على القرآن قال: في قول تعالى) إن الله اصطفى آدم (إلى قوله سبحانه) العالمين () ما نصه (ألفاظ القرآن التي وقع بها الإعجاز من جملة العالم لحدوثها فنبينا عليه الصلوة والسلام أفضل منها يعني لأنه من آل إبراهيم عليه السلام قال وبهذا يتقرر قول صاحب البردة) لو ناسبت قدره آياته البيت (انتهى ما في المختصر. ووالله العظيم لم أره قبل أن أقرر في المجلس ما تحرر. والحمد لله عز وجل. على ما أنعم به علي وتفضل. ومن الأفاضل من أجاب بأن المراد من صدر البيت نفي مناسبة جميع آياته قدره عليه الصلوة والسلام. ولا يلزم من نفي مناسبة الجميع نفي مناسبة القرآن إذ مع مناسبة البعض وعدم مناسبة البعض الآخر يصدق نفي مناسبة الجميع كما يصدق من عدم مناسبة كل واحدة من الآيات.) وحاصله (أن المراد نفي العموم لا عموم النفي ولا يضر في ذلك مناسبة القرآن. ولا يرد عليه أنه مشعر بأنه لو تحققت تلك الخاصة يلزم أن تتحقق مناسبة الجميع لقدره عليه الصلوة والسلام. إذ ليس الكلام مساقاً إلا لدعوى أنه لو ناسب الجميع قدره لتحققت تلك الخاصية دون العكس. نعم في الملازمة التي ادعاها الناظم رحمه الله تعالى خفاء حيث لم يكن السؤال عن ذلك تركنا بيان ذلك للأذكيا. فتأمل وافهم. والله تعالى أعلم.
) ومنها (ما جرى في قول البوصيري أيضاً:
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ... فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم