ذلك) ومما استشكل من ذلك أيضاً (قوله وكعب الحبر ويكسر ولا تقل الأحبار معروف انتهى. ووجه الإشكال ان كعب الأحبار. مما شاع وذاع وروده في الأخبار. ولا مانع من حيث الصناعة لذلك. كما لا يخفى على من سلك في هاتيك المسالك.) وأجيب (بأن ما ورد من باب التركيب الإضافي وما منعه المجد من باب التركيب الوصفي فإن الظاهر عدم جواز وصف كعب المفرد بالأحبار الجمع وإدخاله في باب نطفة أمشاج وثوب أسمال مما يأباه الذوق السليم. وتعقب بأنه ليس المقصود إلا النهي عن استعمال ما هو المشهور وليس ذلك إلا لتركيب الإضافي فيكون غلطاً وقد نبه على ذلك بعضهم أيضاً بقوله:
عوج بن عوق ثم كعب الحبر صح ... فالغلط المشهور فيه ما نضح
ووجه كون ذاك غلطاً بأن كعب الحبر بهذا اللفظ صار كالعلم فتغييره إلى كعب الأحبار بالإضافة أو الوصف غلط إذ الأعلام لا تغير فتأمل.) ثم اعلم (أنا لو ذكرنا جميع ما هو من هذا القبيل من عبارات القاموس لطال ذكره. ولوقعنا في بحر عميق لا يدرك ولو أمعن في الغوص قعره. ويكفي ما ذكرناه في الاستطراد. فاحفظ ذلك واسأل الله تعالى من فضله الذي ليس له من نفاد.) ومنها (ما جرى من تذكر قصيدة أمن تذكر وهو أن البوصيري قال فيها مادحاً له عليه الصلوة والسلام:
لو ناسبت قدره آياته عظماً ... أحيي اسمه حين يدعى دارس الرمم
وهو مشكل. وأمر معضل. فإن مقتضى لو وكون القرآن داخلاً في آياته صلى الله تعالى عليه وسلم أن لا يكون القرآن العظيم. مناسباً قدره عليه أفضل الصلوة وأكمل التسليم. وذلك مما لا يكاد يقال. لما أن القرآن كلام الملك المتعال. فقلت لعل المراد من الآيات غير القرآن. وتخصيص العام بالعقل مما يضيق عنه نطاق البيان. فقال هذا عكاز أعمى لا أرتضيه لك. فاسلك هديت غير هذا المسلك. فقلت لعل الإضافة في آياته للعهد والمراد ما جاء بنحو الرسل عليهم السلام. ولم يجيء أحد منهم بنحو القرآن كما جمع عليه العلماء الأعلام. وكون الجمع المضاف للعموم. ليس على إطلاقه كما هو معلوم. فقال لم تصنع شيئاً سوى أنك غيرت الكلام. إلى عبارات ذات انسجام.
فإن لم يكنها أو تكنه فإنه ... أخوها عذته أمه بلبانها
فقلت لعل المراد نفي المناسبة عظماً باعتبار الظهور. وإعجاز القرآن خفي على بعض الناس بالنسبة إلى إحياء واحد من أهل القبور. فقال هل يخطر ببالك. غير ذلك. فقلت نعم. يا ولي النعم. لكنه يتوقف على تحقيق المراد بالقرآن. الذي لا يسوغ أن يفضل عليه النبي إنسان. أهو الكلام النفسي الذي هو من صفاته تعالى الذاتية. أم الكلام الأغلى الذي ذهب إلى أنه مخلوق كالمعتزلة لعظم الأشاعر. والماتريديه. فإن كان كالأول فالقول بأنه غير مناسب غير مناسب قطعاً. بل هو باطل بلا شبهة عقلاً وسمعاً. وإن كان الثاني فالقول بعدم مناسبة عدم المناسبة مما تتردد فيه الأذهان. لقول معظم أهل السنة أنه عليه الصلوة والسلام أفضل المخلوقات ما يكون وما كان. وحيث أن البوصيري عبر بالآيات أي المنجزات أراد بالقرآن المعنى الثاني من المعنيين. إذ الكلام النفسي ليس بمعجزة ولم يتحد به سيد الكونين. صلى الله تعالى عليه وسلم. وشرف وعظم وكرم. والظاهر أنه أشعري يقول بأن الكلام اللفظي مخلوق. ضرورة اشتماله على بداية ونهاية وسابق ومسبوق. وأنه ممن يفضل النبي عليه الصلوة والسلام على جميع المخلوقات. من مضى منهم ومن هو آت. فقد قال. وأحسن في المقال:
فمبلغ العلم فيه أنه بشر ... وأنه خير خلق الله كلهم