نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد جلد : 1 صفحه : 132
وفرسانها ممسكة بالأعنة وقائمة في سروجها كالأسنة قد اعتقلوا عوالي المران، وتقلدوا من المرهفات كل هندواني، من الهند غيروان، وتنكبوا محنيات القسى أهلة لا تفضى إلى المحاق، ولا تنى رجوم سمائها عن شياطين المراق، بالإحراقن واستلئموا اليب الحسان، والجحف التي سوغها الأنعام والإحسان، ما شئت من تراس تروق عيونا، وتفوق أنواعا وفنونا، ودرق ينفرد الكمى بها كمينا، وتقيه الحتوف حصنا حصينا ويقدم بها على مقارعة الأبطال واقتحام الأهوال فتبدي النصر مكينا، وتدني من عقائل المعاقل الفتح مبينا، وتسربلوا من الزرد المضاعف نسجه سرابيل. وطاروا في ذلك الميدان عقبانا كواسر وطيرا أبابيل:
جباهها فغدت آثارها غررا ... مخافة أن تبدده العيون
يسيل على البسيطة منه سيل ... عباباه الحوادث والسنون
به خدع المنى ورقي المنايا ... وصرف الدهر يخشى أو يلين
وما تدعو الرياح وما تلبي ... وما تخفي الصدور أو تبين
وما نمت المهارى أو المهاري ... وما احتبت القيول أو الفيون
سماء علا تلوح بها العوالي ... نجوما نوءها الحرب الزبون
وقد هبت عتاق الخيل فيها ... عواصف لا يتاح له سكون
وجال السلطان المؤيد في ميدان أشب الجوانب منسرب المذانب قد اخترقت الجداول ساحاته، ودبجت الأزاهر مساحاته، وأدواحه تنعطف في أكف الرياح، وتكاد تنقصف من الارتياح. قد نشرت ورقها نشر ذوائب الحسان وزهرت لمتأملها كأنها زهرة نيسان. في أرض تروق، وروض كأنما خلع عليه الشروق:
وكأن نرجسه المضاعف خائض ... في الماء لف ثيابه في رأسه
فلم أر مثله ميدانا حوي كل الفخر ما بين روض يانع:
وواد حكى الخنساء لا في شجونها ... لكن له عينان تجري على صخر
وجال بين يديه من أنجاد الأمجاد، وحماة الكماة أسود على عقبان، وجنود كأنهم الكثبان قد أخذوا أرجاء الميدان وجوانبه، وملأوا مشارقه ومغاربه، وهم يسمون صحفات صفحات البسيطة بحوافر الخيل ويثيرون قتاما كقطع الليل والأسنة تبدو كأنجم سماء والسيوف تلوح كأنها جداول ماء، والقنا تخطر كأنها بروق خواطف، وجياد يصم منها الصهيل كأنها رعود قواصف، والكتيبة قد كتبت المنايا إليها كتبا تقع عليها وتسقط والبيض تشكلها والأسنة تنقط:
والسيف دامي المضربين كجدول ... في ضفتيه شقائق النعمان
فغدا حماها وهو مباح، وأرواح فوارسها تكاد تستباح، والأنابيب تتخلل كأنها الأرماح والظهور توسم، والوجوه قد أثخنتها الجراح، ووجهه الصبيح والشمس قد أومضا إيماضا وأفاض من سناهما أفاضا. وأعلام الدولة قد حفوا بلوائه. وتألقوا في سمائه. كأنهم النجوم إشراقا. والدر انتظاما واتساقا، ولما فنى اليوم أوهم. وكاد وجه النهار أن يدلهم، انعطافا للرجوع في صهوات الجهاد. وانصرفنا نميس طربا كالغصن المياد، وسرنا ويمن الملك الأجل يهدينا. ونوره يسعى بين أيدينا فلا زالت دولة مولانا أمير المؤمنين أيده الله بمثله من أوليائه المستظلين بظل أفيائها، محمية الأقطار مقضية الأوطار، تتوالى عليها الأعياد توالى العهاد على الروض. والوارد على الحوض، ولا زال أمرها المطاع وجدها لصاعد وعزها الأقعس، وراياتها الظاهرة وحزبها الغالب وأيامها السعيدة ولياليها البيض وعبيدها الأحرار وغنائمها الدول، ونوالها السفاح ولواؤها المنصور ومنارها الهادي، ورأيها لرشيد، وغيبها الأمين، وسطوها المأمون جارها المعتصم، ومؤملها الواثق، وخادمها الموفق، وهنا الله مولانا عيدا، وهو عبده وموسما زانته سيماه، وفطرا بكرمه كرمت فطرته، ولقاه الروح والريحان عن قيامه، كما اختصه بأجور من فطر من الصائمين:
آمين آمين لا أرضى بواحدة ... حتى أضيف إليها ألف آمينا
نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد جلد : 1 صفحه : 132