نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد جلد : 1 صفحه : 124
ما منهم إلا عالم أوحد، لا ينعت ولا يحد، ولهم بالدولة الحفيصة سبق ذكر وحق لا ينكر، والقاضي أبو القاسم جدهم، به سفر مجدهم، وهو الذي عمر ربع الملك وأمر بالحياة والهلك، ودبج القرطاس وفوف، ودون العلم وصنف، وشيخنا الخطيب أبو محمد هذا بديع الإحسان بليغ القلم واللسان، وقد أتاه الله مقاليد هذا الشأن وملك بنان فضله أعنة المعاني، وأزمة البيان، وأقام من اليراعة على منابر أنامله إظهارا لمعجز البلاغة خطيبا مشقوق اللسان، فهو ذو الفضل والكرم، والسيف والقلم والعلم الذي يخفق لنشره العلم، وتحلى المسامع بما تمنحه من لآلئ كلمه، وتنقل إلى رياض الآمال الظامية ما شهدته من دوام ديمه فلا برحت مكارم الأخلاق وأخلاق المكارم، تشام من برق شيمه وأحرار المحامد ومحامد الأحرار تعد إمائه وخدمه، بمن الله تعالى وفضله وكرمه، لقيته بمنزله المبارك من حضرة تونس فقرأت وسمعت عليه به وبالجامع الأعظم المشهور بجامع الزيتونة تصانيف وأجزاء، فإنه لما خيرته المحاسن في أنفسها، فاختص بأنفعها وأنفسها، وحكمته السيادة في معالمها، فحكم من الأوامر والأمور أعاليها، كان مما أقام به من الدين متونه إقامة الفرائض المكتوبة إماماً بجامع الزيتونة إلى غير ذلك من الخطابة بالحضرة العلية، والمراتب السامية السنية، فكنت كثيرا ما أقرأ عليه بالدويرة التي يخرج منها الخطيب وهي بأزاء المحراب، من جهة اليسار، ومما قرأت عليه بها بلفظي جميع ثلاثيات الإمام أبي عبد الله البخاري رضي الله عنه، وحدثني بها بسنده في برنامج روايتي وجميع المجالس الخمسة التي أملاها الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد ابن أحمد السلفي الأصبهاني.
وحدثني بها عن جده أبي القاسم المذكور إجازة قال قرأت جميعها على الشيخ الإمام المحدث الزاهد أبي الفضل جعفر بن أبي الحسن الهمداني بمسجده بالإسكندرية، وحدثني بها سماعا عن الحافظ ممليها أبي الطاهر السلفي المذكور وقرأت عليه جملة من برنامجه الذي جمع فيه أشياخه وأسانيده، وتناولته من يده المباركة، وأجازني جميع ما يحمله ويرويه إجازة تامة مطلقة عامة وكتب لي بخطه حدثني رضي الله عنه قال: حدثني جدي أبو القاسم المذكور، قال أنشدني بالقدس الشريف عند محراب سيدنا زكرياء النبي عليه السلام الشيخ الصالح أبو علي حسن ابن أحمد الأوقي قال أنشدنا الفقيه الإمام العالم أبو الجيوش عساكر بن علي بن نصر المقري، قال: أنشدني الشيخ أبو الحسين عبد الكريم) التككي (قال: أنشدني الصقلي بالإسكندرية من شعره لنفسه:
مزرفي الصدغ يسطو لحظه عبثا ... بالخلق جذلان أن يشكو الهوى ضحكا
لا تعبثن بورد فوق وجنته ... فإنما نصبته عينه شركا
وحدثني أيضا قال وحدثني جدي المذكور عنه عن الحافظ أبي طاهر السلفي أنشدهم محمد بن علي السجلماسي المجاور بمكة شرفها الله تعالى بدار العجلة قال: أنشدني إبراهيم النحوي بسجلماسة لنفسه:
زعموا أن من تباعد يسلو ... ولقد زادني التباعد وجدا
أن وجدي بكم وإن طال عهدي ... وجد يعقوب حين أصبح فردا
وحدثني قال وحدثني جدي الشيخ المقري الصوفي الواعظ أبي عبد الله بن الجنان قال كنت مع جماعة من أهل التصوف بأصبهان في رباط هنالك، واجتمع أصحابنا ليلة في سماع فلما كان في أثناء ذلك بعد مضي جزء من الليل والوقت قد طاب إذ ضرب الباب ضارب فخرج إليه من سكع ذلك فوجد شيخا طويل لقامة، عظيم الهامة على رأسه كرزية وعليه فرجية وبيده إبريق وعكازة، فقال ما هذا قلنا سماع اجتمع فيه الأصحاب فقال ندخل فدخل فوجد القائل يقول:
خليلي لا والله ما القلب سالم ... وإن ظهرت مني شمائل صاح
وإلا فما بالي ولم أشهد الوغى ... أبيت كأني مثخن بجراح
فرمى للمنشد ما كان على رأسه ثم قال له قل فقال:
يا بانة الجزع لولا رنة الحادي ... لما تنقلت من واد إلى وادي
ولا سألت بنعمان الأراك ولا ... شربت ماء به يا نهلة الصادي
وقال: كرر على حديثهم يا حادي ... فحديثهم يطفي لهيب فؤادي
كرر على حديثهم فلربما ... لأن الحديد لضربة الحداد
فنزع فرجيته وبقي الشيخ عريانا وقال قل فقال:
غرام ووجد واشتياق ولوعة ... وما ذاق إنسان من الحب ما ذقت
نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد جلد : 1 صفحه : 124