نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد جلد : 1 صفحه : 123
وكانت لي بين يديه الكريمتين دول مأثورة له فيها حكم منثورة فأني كنت قارئي تلك الفصول وبارئ تلك النصول، والمعيد لما يبدي، والسبب فيما يهدي من ذلك ويسدي فيسحرني ويسبي الحاضرين حسن إلقاء وملاحة إشارة وإيماء، ونبل تنبيه، ولطف توجيه، وإصابة تنظير، وإجادة تنقير، وقلما ترى العين، أو تسمع الأذن بأصل من الأصول، وأفرع من الفروع، وأبرع في نقد الكلام وسبكه، وأعرف بتبيف ابن الحاجب وفتح مغلقاته وحل مشكلاته منه رضي الله عنه قرأت عليه نفع الله به نحو النصف من كل واحد من تأليفي ابن الحاجب الفروعي والأصولي قراءة تفقه وبحث، وسمعت عليه الكثير من التهذيب وغيره من كتب الفقه والأصول والعربية، وقرأت سمعت عليه كثيرا من تآليفه ومنها شرح مختصر ابن الحاجب الأصولي وشرح مختصره الفروعي، وشرح المعالم الفقيه واختصار المتيطية واختصار التهذيب وشرح التهذيب في مجلدات عديدة، وشرح الحاصل، وغير ذلك وسوغني الرواية في جميعها بالمناولة والأذن وأجازني جميع ما يحمله ويرويه وكتب لي الإجازة بخطة ومولده سنة ثمانين وستمائة ثم نضيف إليه ونعطف عليه من تبركت بالمثول بين يديه الشيخ الفقيه العدل أبا زكرياء يحيى بن الشيخ الفقيه العدل المرحوم أبي إسحاق إبراهيم ابن الشيخ الفقيه القاضي المرحوم أبي زكرياء يحيى بن يوسف بن إدريس الحسني الشهير بالسلوي أبقى الله بركتهم بمنه، شرف يا له من شرف، وسلف كريم خلف، وبيت أصيل شمخ، في حرز منيع، وعز مكتنف فطال بالعلياء شغفه وزاحم منكب الجوزاء شرفه. وشرف بقومه وزاد على أمسه في الفضائل يومه، نشأة صالحة وركب إلى التقوى طريقا واضحا فاهتدى بسنن مبين واقتدى بسند متين وجمع له بين حسب وعلم ودين، هذا إلى أكرم النجار وعتق المنمى، وطيب الأرومة وشرف الخيم، وطهارة البيت وزكاء العقب، فما جملة الأعلام وحملة الأسياف والأقلام، إلا دون محطة العالي، وبمنزلته السامية، فهو بحر حصاه الدر النفيس وروض يجني منه أطاييب الثمر الجليس قدر برز من التوفيق في أحسن حلية وبرز في التوثيق وكان عنه في غنية، إلى وقار لا تحل حباه، وصون لا يتسنم الدنس رباه وسؤدد على رغم من أباه. أشبه فما ظلم ومن سعادة المرء أن يشبه أباه:
أشبا أباه فصار في أعراقه ... متوغلا وجرى إلى مضماره
فوفاؤه كوفائه وحياؤه ... كحيائه ووقاره كوقاره
رحل إلى المشرق عام ثامنية وثمانين وستمائة فحج وزار، وحط الذنوب والأوزار، ولقى المشائخ فروى عن جلة، وعاد في كثرة من الفوائد وغيره في قلة، حضر تدريس الشيخ الإمام قاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد وأجازه ولقى الشيخ الإمام الكبير قطب الدين القسطلاني وغيرهما من الأئمة الكبار وحاملي الآثار، ثم آب عن يسيرة من السنين، ورأى قرة العين في النفس والمال والبنين، قرأت عليه بمنزله المبارك من حضرة تونس المحروسة جميع كتاب موطأ الإمام ابن أنس رضي الله عنه، فكمل لي قرأت عليه بلفظي في أوائل شهر ربيع الأول المبارك من عام أربعين وسبعمائة وحدثني به عن والده وعن الشيخ الإمام المحدث أبي جعفر أحمد يوسف الفهري الشهير باللبلي قراءة منه عليه بجمعيه وإجازة من والده بسندهما فيه وجميع برنامج الإمام أبي جعفر اللبلي موجود بيدي مصحح بخط يده رحمة الله عليه وقرأت عليه أيضا بمنزله المذكور، جميع تخميس القصيدة النبوية الشرقراطسية الشهيرة لمخمسها الإمام القاضي أبي عمرو عثمان بن عتيق بن عثمان القيسي مع القصيدة المذكورة، ولم يأت أحد لها بمثل فيما علمت، وحدثني به قراءة عليه عن والده المذكور، ومن خطه البارع نقلته حدثه به عن مخمسها أبي عمرو عثمان بن عتيق المذكور قراءة عليه وقرأت وسمعت عليه غير ذلك وأجازني وكتب لي بخطه، ومولده أواسط عام خمس وستمائة) ثم (نردفه برفيقه ومحل أخيه وشقيقه الشيخ الفقيه الخطيب أبي محمد عبد الله بن الشيخ الفقيه الجليل أبي عبد الله محمد بن الشيخ الفقيه القاضي العالم المصنف أبي القاسم بن علي بن البر التنوخي هذه بيتة غذيب بالعلم والأدب، وبنيت على المجد والحسب ورقيت في أعلى الخطط وأسمى الرتب، فإليهم ينتهي في حسن النقائب، وبفواضلهم تنطق ألسنة الحقائب:
قطفوا ثمار المجد من غرس العلا ... بأكفهم فلنعم غرس الغارس
فهم لباب المجد عزة أنفس ... وذكاء الباب وطيب مغارس
نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد جلد : 1 صفحه : 123