responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد    جلد : 1  صفحه : 119
أو كان بالعيش ما في يوم رحلتهم ... أعيت على السائق الحادي فلم يسر
كأن أيدي مطاياهم إذا وخدت ... يقعن في حر خدي أو على بصري
فغودرت المنازل صماء عمياء، ودهيت من الفراق بداهية دهياء، وبقيت لا ميتا مع الأموات ولا حيا مع الأحياء، أتطارح بين تلك المنازل، أتجرع غصص المنايا من خطب الفراق النازل، وأترامى على مواطئ أخفاف الرواحل، وأمر بخدودي على ممر الحبيب الراحل. . .
وأنتسم نواسم تلك المعالم ... فيفوح لي كالعنبر المتنفس
ونمشي حفاة في ذراها تأدبا ... نرى أننا نمشي بواد مقدس
وعجبت للإسكندرية كيف جمعتنا ثم فرقتنا ولم تغربنا معا كما شرقتنا وأنشدت:
من لم يكن أخذ الهوى بفؤاده ... فلقد أخذت من الهوى بنصيب
فرأيت أن أشد كل بلية ... قضيت على أحد فراق حبيب
وكان سفره مع الركب المغربي المذكور في غرة جمادى الأولى من عام تسعة وثلاثين وسبعمائة:
راق الفراق لجيرة من بعدهم ... ما راق لي عيش ولا دمعي رقا
ولكم سألت لينجد الحادي بهم ... يوم الندي فأبى السؤال وعرقا
رحلوا وللزفرات بين ركابهم ... نار يكاد زفيرها أو يحرقا
يا باكي بالأطلال بعد حبيبه ... حزنا يومل دمنة أن تنطقا
بح بالسرائر واهم دمعك واشتهر ... وجدا بت النوم عنك مطلقا
أن الذين عهدتهم سكانها ... نعب الغراب بشملهم فتفرقا
فأقمت بعده للعلم ملازما، تارة متعلما وتارة معلما إلى أن يسر الله تعالى في تجهيز مركب سيف الدين، وحان سفره بجمع عظيم من المسلمين فركبت فيه في يوم السبت السادس لشوال من العام المذكور، وسرنا في مواسط تلك البحور طورا في الصعود وطورا في الحدور، ولنحذف زيادة الأنواء وإثبات الجرور وعدة ما تكرر لي في تلك الموسطة من المرات والشهور إلى أن وصلنا) مرسى الحمامات (بليدة بقرب حضرة تونس فنزلت بها ضحوة يوم الاثنين السادس لذي قعدة من العام المذكور وخرجت منها في ضحوة يوم الأربعاء الثامن لذي قعدة المذكور ودخلت حضرة تونس المحروسة في ضحوة يوم الخميس التاسع من الشهر المذكور، فنزلت منها بمدرسة الشماعين واجتمعت بإخواننا وأوليائنا من الطلبة والمدرسين، فألفيتهم لم ينقص الله لهم عددا، ولا أراهم بالفراق شملا مبددا، فسر الجميع بالاجتماع، وأقمنا كما كنا على المذاكرة والانتفاع، وكأني ما مددت إليهم يدا للوداع فنشروا من در الثناء منثورا ومنظوما، ونشروا من برود الصفاء مطويا ومكتوما فأنشدتهم:
أني وإن شط المزار وبددت ... أيدي النوائب شملنا المنظوما
لم أخل من حسن الثناء عليكم ... مذ غبت عنكم ظاعنا ومقيما
وأقبلوا يطالبونني بما اجتلبت من الفوائد، ويقصدونني في إطلاق ما قيدت من القصائد، لا أحصي كم أديبا كتب عني قصيدة صاحبنا جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن سليمان الدمشقي المعروف بالنابلسي، وهي:
أسر الفؤاد ودمع عيني أطلقا ... والوجد جدده وصبري مزقا
حلو الشمائل ما أمر صدوده ... متنعم قد لذ لي فيه الشقا
بعث الغرام إلى المنام فرده ... عن عين عاشقه فبات مؤرقا
إن قلت مالي بالتجني طاقة ... ولي وباب الوصل عني أغلقا
ظبى من الأتراك ينفر خيفة ... في الحب من شركي به أن يعلقا
وتصح نسبته إذا حققتها ... للترك لحظا والأعاريب منطقاً
طرح الذؤابة خلفه فحسبتها ... حنشا بغصن أراكه متعلقا
صل الركاب إذا تمثل راكبا ... فإذا ترجل ضمها متمنطقا
طالت فزاد سوادها فظننتها ... ليل الصدود فلم أزل متعلقا
للحسن ماء جال في وجناته ... كم فيه من إنسان عين غرقا
يسمو بطلعته عن قمر السما ... وبلين قامته على غصن النقا
وإذا تكلم أو تبسم ثغره ... ما يترك السالي إلى أن يعشقا
في مهجتي جمر الأسى متلهبا ... وبثغره ماء الحياة مروقا
يا طيبة ماء ويا ظمأي فهل ... أروي به وأعب حتى أشرقا
ومنها: يا عاذلي أقصر وتب عما مضى ... ما أنت في عذل المحب موفقا
قد قلت لي يسليك عنه مثله ... وصدقت لكن مثله ما يلتقيا
يا فاتر الأجفان أحرقت الحشا ... مني فذبت صبابة وتشوقا

نام کتاب : تاج المفرق في تحلية علماء المشرق نویسنده : البلوي، خالد    جلد : 1  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست