responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 673
عباده، وعرضهم على أمانة التّكاليف ليبلوهم بصادق وعده وإبعاده [1] ، ويسّر كلّا لما خلق له، من هدايته أو إضلاله، وغيّه أو رشاده، واستخلف الإنسان في الأرض بعد أن هداه النّجدين [2] لصلاحه أو فساده، وعلّمه ما لم يكن يعلم، من مدارك سمعه وبصره والبيان عمّا في فؤاده، وجعل منهم أنبياء وملوكا يجاهدون في الله حقّ جهاده، ويثابرون على مرضاته في اعتمال العدل واعتماده، ورفع البيوت المقدّسة بسبحات [3] الذّكر وأوراده.
والصّلاة والسّلام على سيّدنا ومولانا محمّد سيّد البشر من نسل آدم وأولاده، لا. بل سيّد الثّقلين [4] في العالم من إنسه وجنّه وأرواحه وأجساده، لا. بل سيّد الملائكة والنّبيّين، الّذي ختم [الله] كمالهم بكماله وآمادهم بآماده، الّذي شرّف به الأكوان فأضاءت أرجاء العالم لنور ولاده، وفصّل له الذّكر الحكيم تفصيلا، كذلك ليثبّت من فؤاده [5] وألقى على قلبه الروح الأمين بتنزيل ربّ العالمين، ليكون من المنذرين لعباده [6] ، فدعا إلى الله على بصيرة بصادق جداله وجلاده [7] وأنزل عليه النّصر العزيز، وكانت ملائكة السّماء من إمداده، حتّى ظهر نور الله على رغم من رغم [8] . بإطفائه وإخماده، وكمل الدين الحنيف فلا تخشى والحمد للَّه غائلة انقطاعه ولا نفاذه، ثمّ أعدّ له من الكرامات ما أعدّ في معاده، وفضّله بالمقام المحمود في عرصات القيامة بين أشهاده، وجعل له الشّفاعة فيمن انتظم في امّته، واعتصم بمقاده.
والرّضى عن آله وأصحابه، غيوث رحمته، وليوث إنجاده، من ذوي رحمه

[1] ينظر الى الآية 72 من سورة الأحزاب: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها، وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ» . 33: 72
[2] النجدان: طريق الخير، وطريق الشر.
[3] السبحات جمع سبحة، وهي التطوع في الذكر، والصلاة.
[4] الثقلان: الجن والإنس.
[5] يشير الى الآية 32 من سورة الفرقان: «وَقال الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً، كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ به فُؤادَكَ» 25: 32.
[6] يشير كذلك الى الآيتين 193، 194 من سورة الشعراء: «نَزَلَ به الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ من الْمُنْذِرِينَ» 26: 193- 194.
[7] الجلاد: الجهاد.
[8] على رغم من رغم: من أساء، والإشارة الى الآية 32 من سورة التوبة: «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ الله بِأَفْواهِهِمْ، وَيَأْبَى الله إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ» 9: 32.
ابن خلدون م 43 ج 7
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 673
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست