responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 655
الكثرة فيهم بالغة، ومن كثرة الساكن مشتقّة، وقلم الفتيا في هذا المصر طلق، وعنانها مرسل، يتجاذب كل الخصوم منها رسنا، ويتناول من حافته شقّا، يروم به الفتح [1] على خصمه، ويستظهر به لإرغامه، فيعطيه المفتي من ذلك ملء رضاه، وكفاء أمنيته متتبعا إيّاه في شغب الخلاف، فتتعارض الفتاوى وتتناقض، ويعظم الشغب إن وقعت بعد نفوذ الحكم، والخلاف في المذاهب كثير، والإنصاف متعذّر وأهلية المفتي وشهرة الإفتاء عندنا [2] ، فلا يكاد هذا المدى ينحسم [3] ولا الشغب ينقطع.
فصدعت في ذلك بالحق وكبحت أعنّة أهل الهوى والجهل، ورددتهم على أعقابهم. وكان فيهم ملتقطون سقطوا من المغرب يشعوذون بمفترق من اصطلاحات العلوم هنا وهناك، ولا ينتمون إلى شيخ معروف مشهود، ولا يعرف لهم كتاب في فنّ اتخذوا الناس هزوا وعقدوا المجالس مثلبة للأعراض ومثابة [4] للحرم، فأرغمهم ذلك مني وملأهم حسدا، وحقدوا عليّ، وخلوا إلى أهل جلدتهم من سكان الزوايا المنتحلين للعبادة، ليشترون بها الجاه، ويجترءوا به على الله، وربّما اضطرّ أهل الحقوق إلى تحكيمهم، فيحكمون بما يلقي الشيطان على ألسنتهم، يترخّصون به الإصلاح، لا يزعهم الدين عن التعرّض لأحكام الله بالجهل، فقطعت الحبل في أيديهم، وأمضيت حكم الله فيمن أجازوه، فلم يغنوا عن الله شيئا وأصبحت زواياهم مهجورة، وبئرهم التي يمتاحون منها معطّلة، وانطلقوا يواطئون السفهاء من النيل في عرضي، وسوء الاحدوثة عني بمختلق الافك وقول الزور، ويبثّونه في الناس ويدسّون إلى السلطان التظلّم مني، فلا يصغي إليهم، وأنا في ذلك محتسب على الله، ما منيت به في هذا الأمر، ومعرض فيه عن الجاهلين، وماض على سبيل سويّ من الصرامة وقوّة الشكيمة، وتحرّي العدالة، وخلاص الحقوق، والتنكب عن خطة الباطل متى دعيت إليها، وصلابة العود عن الجاه والإعراض متى غمزني لامسها ولم يكن ذلك شأن من رافقته من القضاة فنكروه مني ودعوني إلى متابعتهم فيما

[1] وفي نسخة ثانية: الفلج ومعناه الظفر والفوز.
[2] بياض بالأصل وفي طبعة بولاق: وشهرة الفتيا ليس تمييزها للعاميّ.
[3] وفي نسخة ثانية: فلا يكاد هذا المدد ينحسر.
[4] وفي نسخة ثانية: مأبنه: وهو مكان الاتهام بالشر.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 655
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست