responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 656
يصطلحون عليه من مرضاة الأكابر ومراعاة الأعيان، والقضاء للجاه بالصور الظاهرة، أو دفع الخصوم إذا تعذّرت، بناء على أن الحاكم لا يتعيّن عليه الحكم مع وجود غيره، وهم يعلمون أن قد تمالئوا عليه.
وليت شعري ما عذرهم في الصور الظاهرة إذا علموا خلافها، والنّبيّ صلّى الله عليه وسلم يقول: «من قضيت له من حقّ أخيه شيئا فإنّما أقضي له من النار» .
فأبيت من ذلك كلّه إلا إعطاء العهدة حقّها، والوفاء لها، ولمن قلّدنيها، فأصبح الجميع عليّ البا [1] ولمن ينادي بالتأفّف مني عونا، وفي النكير عليّ أمّة، وأسمعوا الشهود الممنوعين أن قد قضيت فيهم بغير وجه الحق، لاعتمادي على علمي في الجرح، وهي قضية إجماع. وانطلقت الألسن، وارتفع الصخب وأرادني بعض على الحكم بغرضهم، فتوقفت وأغروا بي الخصوم، فتنادوا بالتظلّم عند السلطان، فجمع القضاة وأهل الفتياء في مجلس جعل للنظر في ذلك، فخلصت تلك الحكومة من الباطل خلوص الإبريز، وتبيّن أمرهم للسلطان، وأمضيت فيها حكم الله تعالى إرغاما لهم، فغدوا على حرد قادرين، ودسّوا الأولياء السلطان وعظماء الدولة، يقبحون لهم إهمال جاههم وردّ شفاعاتهم، مموّهين بأنّ الحامل على ذلك جهل المصطلح، وينفقون هذا الباطل بعظائم ينسبونها إليّ، تبعث الحليم وتغري الرشيد، يستثيرون حفائظهم عليّ ويشربونهم البغضاء إليّ، والله يجازيهم وسائلهم.
فكثر الشغب عليّ من كل جانب، وأظلم الجوّ بيني وبين أهل الدولة، ووافق ذلك مصابي بالأهل والولد، وصلوا من المغرب في السفين فأصابها قاصف من الريح فغرقت، وذهب الموجود والسكن والمولود، فعظم المصاب والجزع، ورجح الزهد، واعتزمت على الخروج عن المنصب، فلم يوافقني عليه النصيح ممن استشرته خشية من نكير السلطان وسخطه، فتوقّفت بين الورد والصدر على صراط الرجاء واليأس، وعن قريب تداركني اللطف الربّاني وشملتني نعمة السلطان أيّده الله في النظر بعين الرحمة، وتخلية سبيلي من هذه العهدة التي لم أطق حملها، ولا عرفت كما زعموا مصطلحها، فردّها إلى صاحبها الأوّل، وأنشطني من عقالها، فانطلقت حميد

[1] اي يحيكون المكائد له دون علمه.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 656
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست