نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 627
جفونها، وهي للرّوم خطّة خسف [1] قلّما ارتكبوها فيما نعلم من العهود، ونادرة من نوادر الوجود. والى الله علينا وعليكم عوارف [2] الجود، وجعلنا في محاريب الشّكر من الرّكّع السّجود.
عرّفناكم بمجملات أمور تحتها تفسير، ويمن من الله وتيسير، إذ استيفاء الجزئيات عسير لنسرّكم بما منح الله دينكم، ونتوج بعز الملّة الحنيفية جبينكم، ونخطب بعده دعاءكم وتأمينكم، فإنّ دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب سلاح ماض، وكفيل بالمواهب المسئولة من المنعم الوهّاب متقاض [3] ، أولى من ساهم في برّ، وعامل الله بخلوص سرّ، وأين يذهب الفضل عن بيتكم، وهو صفة حيّكم، وتراث ميتكم، ولكم مزيّة القدم، ورسوخ القدم، والخلافة مقرّها إيوانكم، وأصحاب الامام مالك- رضي الله عنه- مستقرّها قيروانكم، وهجّير المنابر [4] ذكر إمامكم، والتوحيد إعلامكم، والوقائع الشّهيرة في الكفر منسوبة الى أيامكم، والصّحابة الكرام فتحة أوطانكم، وسلالة الفاروق عليه السّلام وشائح سلطانكم [5] ، ونحن نستكثر من بركة خطابكم، ووصلة جنابكم، ولولا الأعذار لوالينا بالمتزيّدات تعريف أبوابكم.
والله- عزّ وجلّ- يتولّى عنا من شكركم المحتوم، ما قصّر المكتوب منه عن المكتوم، ويبقيكم لإقامة الرّسوم، ويحلّ محبّتكم من القلوب محلّ الأرواح من الجسوم، وهو سبحانه يصل سعدكم، ويحرس مجدكم، ويوالي نعمه عندكم.
والسّلام الكريم، الطّيب الزكي المبارك البرّ العميم، يخصّكم كثيرا أثيرا، ما أطلع الصّبح وجها منيرا، بعد أن أرسل النّسيم سفيرا، وكان الوميض [6] الباسم لأكواس الغمائم [7] ، على أزهار الكمائم [8] ، مديرا، ورحمة الله وبركاته. [1] الخطة: الطريقة. والخسف: الذل، وتحميل الإنسان ما يكره. [2] العوارف: جمع عارفة، وهي العطية. [3] تقاضاه الدين: قبضه منه. [4] هجير المنابر: شأنها ودأبها. [5] يريد أن الحفصيين من سلالة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد رأى بعض المؤرخين ذلك. [6] الوميض: اللامع من البرق لمعا خفيا. [7] شبه القطرات من الماء تنثرها الغمائم على الزهور، بكئوس الخمر تدار على الشاربين. [8] الكمائم: جمع كمامة، وهي غطاء النور وبرعومته.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 627