responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 624
العباب، وصقل الاستبصار الألباب، واستخلص العزم صفوة اللّباب، وقال لسان النّصر: «ادخلوا عليهم الباب» ، فأصبحت طوائف الكفّار، حصائد مناجل الشّفار، فمغافرهم قد رضيت حرماتها بالإخفار [1] ، ورءوسهم محطوطة في غير مقام الاستغفار، وعلت الرّايات من فوق تلك الأبراج المستطرقة والأسوار، ورفرف على المدينة جناح البوار، لولا الانتهاء إلى الحدّ والمقدار، والوقوف عند اختفاء سرّ الأقدار.
ثم عبرنا نهرها، وشددنا بأيدي الله قهرها، وضيّقنا حصرها، وأدرنا بلآليء القباب البيض خصرها، وأقمنا بها أياما تحوم عقبان البنود على فريستها حياما [2] ، وترمي الأدواح ببوارها، وتسلّط النّيران على أقطارها، فلولا عائق المطر، لحصلنا من فتح ذلك الوطن على الوطر، فرأينا أن نروضها بالاجتثاث [3] والانتساف [4] ، ونوالي على زروعها وربوعها كرّات رياح الاعتساف، حتّى يتهيأ للإسلام لوك طعمتها، ويتهنّا بفضل الله إرث نعمتها، ثم كانت من موقفها الإفاضة من [5] بعد نحر النّحور، وقذف جمار الدّمار على العدوّ المدحور، وتدافعت خلفنا السّيّقات [6] المتّسقات تدافع أمواج البحور.
وبعد أن ألححنا على جنّاتها المصحرة [7] ، وكرومها المستبحرة إلحاح الغريم [8] ، وعوّضناها المنظر الكريه من المنظر الكريم، وطاف عليها طائف من ربّنا فأصبحت كالصّريم [9] ، وأغرينا حلاق [10] النّار بجمم الجميم [11] ، وراكمنا في أحواف

[1] أخفرت الرجل: إذا نقضت عهده، وذمامه، والهمزة فيه للازالة، أي أزلت خفارته.
[2] حام الطائر حول الماء حياما: دوم ودار.
[3] الاجتثاث: انتزاع الشجر من أصوله.
[4] انتساف الزرع: اقتلاعه.
[5] الافاضة: الدفع في السير بكثرة، ولا يكون الا عن تفرق جمع. وفي «الافاضة» و «البحر» ، و «رمي الجمار» ثورية واضحة بالمعاني الإسلامية المتعارفة في باب «الحج» .
[6] السيقات: ما استاقه العدو من الدواب، ويقال لما سيق من النهب فطرد، سيقة.
[7] المتسعة، يقال أصحر المكان: أي اتسع.
[8] الغريم: الّذي له الدين.
[9] الصريم: الليل، وأصبحت كالصريم: احترقت وصارت في مثل سواده، والإشارة إلى الآية:
«فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ من رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ» 68: 19- 20.
[10] حلاق الشعر: إزالته بالموسى. والكلام على تشبيه إحراق النبات بحلق شعر الرأس.
[11] الجمم: جمع جمة، وهي الشعر الكثير. والجميم نبت يطول حتى يصير مثل جمة الشعر.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 7  صفحه : 624
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست