نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 615
فالمقضب [1] ، فوده [2] يخضب، والأسمر، غصنه يستثمر، والمغفر [3] ، حماه يخفر، وظهور القسيّ تقصم [4] ، وعصم الجند الكوافر تفصم [5] ، وورق اليلب [6] في المنقلب يسقط، والبيض تكتب والسّمر تنقط [7] ، فاقتحم الربض الأعظم لحينه، وأظهر الله لعيون المبصرين والمستبصرين عزّة دينه، وتبرّأ الشيطان من خدينه [8] ، ونهب الكفّار وخذلوا، وبكلّ مرصد جدّلوا، ثمّ دخل البلد بعده غلابا، وجلّل [9] قتلا واستلابا، فلا تسل إلا الظّبا [10] والأسل [11] عن قيام ساعته، وهول يومها وشناعته، وتخريب المبائت [12] والمباني، وغنى الأيدي من خزائن تلك المغاني، ونقل الوجود الأول الى الوجود الثّاني [13] ، وتخارق السّيف فجاء بغير المعتاد، ونهلت القنا الرّدينيّة من الدّماء، حتى كادت تورق كالأغصان المغترسة والأوتاد، وهمت أفلاك القسيّ وسحّت، وأرنّت حتى بحّت، ونفدت موادّها فشحّت، مما ألحّت، وسدّت المسالك جثث القتلى فمنعت العابر، واستأصل الله من عدوه الشّأفة وقطع الدّابر [14] ، وأزلف الشّهيد وأحسب الصّابر [15] ، وسبقت رسل الفتح الّذي لم يسمع بمثله في [1] سيف مقضب: قطاع. [2] الفود: معظم شعر اللمة مما يلي الاذن. واسناد ذلك للسيف على جهة التوسع. [3] المغفر: ما يلبسه الدارع على رأسه من الزرد ونحوه. [4] تقصم: تكسر. [5] عصم الكوافر: جمع عصمة، وأصل العصمة الجبل، وكل ما أمسك شيئا فقد عصمه. والكوافر جمع كافرة وهو يريد هنا أن الجند جماعات، فصح له جمع فاعل على فواعل. تفصم: تقطع وتنفصل. مقتبس من الآية: «وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ» . 60: 10 [6] اليلب: الدروع، والدرق. [7] البيض: السيوف. والسمر: الرماح. [8] الخدين: الصديق. [9] جلل قتلا: عمه القتل. [10] الظبا، جمع ظبة، وهي حد السيف، والسنان، والنصل، والحنجر، ونحوها. [11] الأسل: عيدان طوال دقاق مستوية لا ورق لها، وتسمى الرماح والقنا أسلا، على التشبيه بها في الطول، والاستواء، والدقة. [12] المبائت، جمع مبيت، مكان البيتوتة. [13] يعني بالوجود الأول: الوجود الخارجي، وهو المرئي بالعين الملموس. أما الوجود الثاني فهو الوجود الذهني، والمعنى أن هذه المدينة قد أصبحت موجودة في الأذهان صورتها بعد أن كانت موجودة العين.
وانظر معيار العلم للغزالي ص 37. وشرح المقاصد للسعد 1/ 57 (طبع إستانبول سنة 1277 هـ) . [14] الشأفة: الأصل، واستأصل شأفته أي أصله. وقطع الدابر: استأصل آخرهم. [15] أزلف الشهيد: قربه اليه. وأحسب الصابر: أعطاه ما يرضي، أو أعطاه حتى قال حسبي.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 615