نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 611
ولم يكن إلا أن نفلت الأنفال [1] ، ووسمت بالأوضاح الأغفال [2] ، وتميّزت الهوادي والأكفال [3] ، وكان إلى غزو مدينة جيّان الاحتفال، قدنا إليها الجرد [4] تلاعب الظلال نشاطا، والأبطال تقتحم الأخطار رضى بما عند الله واغتباطا، والمهنّدة الدّلق [5] تسبق إلى الرقاب استلالا واختراطا، واستكثرنا من عدد القتال احتياطا، وأزحنا العلل عمّن أراد جهادا منجيا غباره من دخان جهنّم ورباطا، ونادينا الجهاد! الجهاد! يا أمّة الجهاد! راية النّبيّ الهادي! الجنّة تحت ظلال السّيوف الحداد!، فهزّ النداء إلى الله تعالى كلّ عارم وغامر [6] ، وائتمر الجمّ من دعوى الحق إلى أمر آمر، وأتى النّاس من الفجوج [7] العميقة رجالا وعلى كل ضامر [8] ، وكاثرت الرّايات أزهار البطاح لونا وعدا، وسدّت الحشود مسالك الطّريق العريضة سدّا، ومدّ بحرها الزّاخر مدّا، فلا يجد لها النّاظر ولا المناظر حدّا.
وهذه المدينة هي الأمّ الولود، والجنّة التي في النّار لسكّانها من الكفّار الخلود، وكرسيّ الملك، ومجنبة [9] الوسطى من السّلك، باءت بالمزايا العديدة ونجحت، وعند الوزان بغيرها من أمّات [10] البلدان، رجحت، غاب الأسود، وجحر الحيّات السّود، ومنصّب [11] التّماثيل الهائلة، ومعلّق النّواقيس المصلصلة. [1] الأنفال: جمع نفل، وهو الغنيمة: ونفلت: أعطيت. [2] الأوضاح، جمع وضح، وهو البياض. والاغفال: الاراضي الموات، يقال ارض عفل: لا علم بها، ولا سمه. [3] هو ادى كل شيء: أوائله. يريد: تميز الشجعان الذين كانوا يتصدرون المعركة، من الاكفال (جمع كفل) : وهم الذين يكونون في مؤخر الموقعة همتهم التأخر، والفرار. [4] جمع أجرد، وهو الفرس القصير الشعر، وذلك في علامات العتق والكرم. [5] سيف دلق: سهل الخروج من غمده، والجمع: دلق. [6] العامر من الأرض: المستغل. والغامر: الّذي يغمره الماء، ويراد به الأرض التي لم تستثمر. يريد:
أقبل الناس من كل جانب. [7] جمع فج، وهو الطريق البعيد، والواسع، والّذي بين جبلين. [8] الجمل الضامر: الخفيف الجسم. [9] المجنبة: التي تأخذ مكانها جانب الجوهرة الوسطى من العقد. يريد ان مدينة جيان تحتل المرتبة الثانية بالقياس الى حضرة الملك. [10] أمات، جمع أم، ويغلب أن تأتي جمعا لام ما لا يعقل. وانظر اللسان «أم» ، «أمه» . [11] منصب اسم مكان، بمعنى الموضع الّذي أقيمت فيه هذه التماثيل.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 611