نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 575
واليأس منه لولا تكييف الله في نجائه، والعيث بعده في المنزل والولد، واغتصاب الضياع المقتناة من بقايا ما متّعت به الدولة النّصرية أبقاها الله من النعمة، فآوى إلى الوكر، وساهم في الحادث وأشرك في الجاه والمال، وأعان على نوائب الدهر وطلب الوثر [1] حين رأى الدهر قلاني وأمّل الملوك استخلاصي، وتجاوزوا في إتحافي والله المخلص من عقال الآمال، والمرشد إلى نبذ هذه الحظوظ المورّطة.
وأنبأني سيّدي بما صدر عنه من التصانيف الغريبة في هذه الفتوحات الجليلة، وبودّي لو وقع الإتحاف بها أو بعضها، فلقد عاودني الندم على ما فرّطت.
وأمّا أخبار هذا القطر فلا زيادة على ما علمتم من استقرار السلطان أبي إسحاق ابن السلطان أبي يحيى بتونس مستبدّا بأمره بالحضرة بعد مهلك شيخ الموحّدين أبي محمد بن تافراكين القائم بأمره، رحمة الله عليه مضايقا في حياته الوطن واحكامه بالعرب، المستظهرين بدعوته، مصانعا لهم بوفرة على أمان الرعايا والسابلة. لو أمكن حسن السياسة جهد الوقت، ومن انتظام بجاية محل دولتنا في أمر صاحب قسنطينة وبونة خلافا كما علمتم، محمّلا الدولة بصرامته وقوّة شكيمته فوق طوقها، من الاستبداد والضرب على أيدي المستقلين من الأعراب، منتقض الطاعة أكثر أوقاته لذلك إلّا ما شمل البلاد من تغلّب العرب ونقص الأرض من الأطراف والوسط، وخمود ذبال [2] الدول في كل جهة وكل بداية إلى تمام.
وأمّا أخبار المغرب الأقصى والأدنى فلديكم طلعه [3] . وأمّا المشرق فأخبار الحاجّ هذه السنة من اختلاله، وانتقاض سلطانه، وانتزاء الجفاة على كرسيّه، وفساد المصانع والسقايات المعدّة لوفد الله وحاجّ بيته، ما يسخن العين ويطيل البثّ، حتى زعموا أنّ الهيعة اتصلت بالقاهرة أياما. وكثر الهرج في أزقّتها وأسواقها لما وقع بين سندمر [4] المتغلّب بعد يلبغا الخاصكي، وبين سلطانه ظاهر القلعة، من الجولة التي كانت دائرتها عليه، أجلت عن زهاء الخمسمائة قتلى، من حاشيته، وموالي يلبغا، [1] الوثر: الثوب الّذي تجلّل به الثياب فيعلوها. وفي نسخة ثانية طلب الوتر: أي الثأر. [2] ذبال ج ذبيلة: الفتيلة. [3] سرّه. [4] وفي نسخة ثانية: أسندمر وهو الأمير الدوادار الكبير في دولة الأشرف وكان دويدارا عن يلبغا الناصري ثم ثار عليه. مات بالإسكندرية سنة 769 هـ.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 575