نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 565
القهر، ومن للعين أن تسلو سلوّ القصر عن إنسانها المبصر، أو تذهل ذهول الزاهد عن سرّها الرائي والمشاهد، وفي الجسد مضغة يصلح إذا صلحت، فكيف حاله إن رحلت عنه أو ترحت، وإذا كان الفراق هو الحمام الأوّل، فعلام المعوّل أعيت مراوضة الفراق على الرواق [1] ، وكادت لوعة الاشتياق أن تفضي إلى السياق [2] .
تركتموني بعد تشييعكم ... أوسع أمر الصبر عصيانا
أقرع سنّي ندما تارة ... وأستميح الدّمع أحيانا
وربما تعللت بغشيان المعاهد الخالية، وجدّدت رسوم الأسى بمباكرة الرسوم البالية، أسائل نون النؤى [3] عن أهليه، وهيام المرقد المهجور عن مصطليه، وثاء الأثافي المثلّثة من منازل الموحّدين، وأحار بين تلك الأطلال حيرة الملحدين. لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين، كلفت لعمر الله بسائل عن جفوني المؤرقة، ونائم عن شجوني [4] المجتمعة المتفرّقة، ظعن عن ملال، لا متبرّما بشرّ حال [5] وكدر الوصل بعد صفائه، وضرّح النّصل بعد عهد وفائه.
أقل اشتياقا أيها القلب إنّما ... رأيتك تصفي الودّ من ليس جازيا
فها أنا أبكي عليه بدم أساله، وأندب في ربع الفراق آسى له، وأشكو إليه حال قلب صدعه، وأودعه من الوجد ما أودعه، لما خدعه، ثم قلاه وودّعه، وانشقّ ريّاه أنف ارتياح قد جدعه، واستعديه على ظلم ابتدعه.
«خليليّ فيما عشتما هل رأيتما ... قتيلا بكى من حبّ قاتله قبلي [6]
فلولا عسى الرجاء ولعلّه، لا بل شفاعة المحلّ الّذي حلّه، لنشرت ألوية العتب، وبثثت كتائبها كمينا في شعاب الكتب، تهزّ من الألفات رماحا هزّ الأسنّة [7] وتوتّر من النونات أمثال القسيّ المرنّة، وتقود من مجموع الطّرس والنقس بلقا تردي في [1] وفي نسخة ثانية: عمل الرّاق. [2] السياق: بداية مفارقة الروح. [3] النؤى: الحفير حول الخيمة يمنع عنها المسيل. [4] وفي نسخة ثانية: عن همومي. [5] وفي نسخة ثانية: لا متبرّما منا بشرّ خلال.
[6] هذا البيت «لجميل بثينة» وهو جميل بن عبد الله بن معمر العذري. [7] وفي نسخة ثانية خزر الأسنة.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 565