نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 527
سدّ به خلّته، وصان عن سؤال الناس وجهه، وكان له عفا الله عنه كلف بعلم الكيمياء، طالبا لمن غلط في ذلك وأمثاله [1] . فلم يزل يعاني من ذلك ما يورّطه مع الناس في دينه وعرضه إلى أن دعته الضرورة للترحّل عن مصر، ولحق ببغداد وناله مثل ذلك. فلحق بماردين [2] واستقرّ عند صاحبها، فأحسن جواره إلى أن بلغنا بعد التسعين أنه هلك هنالك حتف أنفه والبقاء للَّه وحده.
(ومنهم شيخ التعاليم) أبو عبد الله محمد بن النجّار من أهل تلمسان، أخذ العلم ببلده عن مشيختها، وعن شيخنا الأيلّي وبرّز عليه. ثم ارتحل إلى المغرب فلقي بسبتة إمام التعاليم أبا عبد الله محمد بن هلال شارح المجسطيّ في الهيئة، وأخذ بمراكش عن الإمام أبي العبّاس بن البنّاء، وكان إماما في علم النجامة وأحكامها، وما يتعلّق بها، ورجع إلى تلمسان بعلم كثير، واستخلصته الدولة. فلمّا هلك أبو تاشفين وملك السلطان أبو الحسن نظمه في جملته وأجرى له رزقه، فحضر معه بإفريقية وهلك في الطاعون.
(ومنهم) أبو العبّاس أحمد بن شعيب [3] من أهل فاس، برع في الأدب واللسان والعلوم العقلية، من الفلسفة والتعاليم والطب وغيرها. ونظمه السلطان أبو سعيد في جملة الكتّاب وأجرى عليه رزق الأطبّاء لتقدّمه فيه، فكان كاتبه وطبيبه، وكذا مع السلطان أبي الحسن بعده، فحضر بإفريقية وهلك بها في ذلك الطاعون. وكان له شعر سابق به الفحول من المتقدّمين والمتأخّرين، وكانت له إمامة في نقد الشعر وبصر به، وما حضرني الآن من شعره إلا قوله:
[ () ] حاجي ... وعند ما تسلطن الأشرف شعبان تناهت الى يلبغا الرئاسة ولقب نظام الملك وصار إليه الأمر والفهي وهو السلطان في الباطن ... (شذرات الذهب 6/ 212) . [1] وفي نسخة ثانية: كلف بعمل الكيمياء، تابعا لمن غلط في ذلك من أمثاله. [2] ماردين: قلعة مشهورة على قنّة جبل الجزيرة مشرفة على دنيسر ودارا ونصيبين وذلك الفضاء الواسع مشهورة بمدارسها وخاناتها ودورها وهي كالدرج، كل دار فوق الأخرى وكل درب منها يشرف على ما تحته من الدور، ذكرها جرير في قوله:
يا خزر تغلب إن اللؤم حالفكم ما دام في ماردين الزيت يعتصر. (معجم البلدان) ويطلق هذا الاسم اليوم على إقليم واسع من تركيا. [3] هو احمد بن شعيب الجزنائي التازي نزيل فاس. كتب للسلطان أبي الحسن المريني وتوفي بتونس سنة 750 هـ.
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 527