نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 506
عبد الله، وبأميّة صاحبهم، وهو يمالئهم على ذلك، ويكيد بابن الأمير عبد الله.
وحاصروه حتى طلب منهم اللحاق بأبيه فأخرجوه، واستبدّ أمية بإشبيليّة، ودسّ على عبد الله بن حجّاج من قتله، وأقام أخاه إبراهيم مكانه. وضبط إشبيلية واسترهن أولاد بني خلدون وبني حجّاج ثم ثاروا به، وهمّ بقتل أبنائهم فراجعوا طاعته، وحلفوا له، فأطلق أبناءهم فانتقضوا ثانية. وحاربوه فاستمات وقتل حرمه وعقر خيوله، وأحرق موجودة. وقاتلهم حتى قتلوه مقبلا غير مدبر، وعاثت العامة في رأسه. وكتبوا إلى الأمير عبد الله بأنه خلع فقتلوه، فقبل منهم مداراة، وبعث عليهم هشام بن عبد الرحمن من قرابته، فاستبدّوا عليه وفتكوا بابنه، وتولّى كبر ذلك كريت بن خلدون. واستقل بإمارتها.
وكان إبراهيم بن حجّاج بعد ما قتل أخوه عبد الله على ما ذكره ابن سعيد عن الحجاري سمت نفسه إلى التفرّد، فظاهر ابن حفصون [1] أعظم ثوّار الأندلس يومئذ، وكان بمالقة وأعمالها إلى رندة، فكان له منه ردء. ثم انصرف إلى مداراة كريت بن خلدون وملابسته، فردفه في أمره، وأشركه في سلطانه، وكان في كريت تحامل على الرعيّة وتعصّب، فكان يتجهّم لهم ويغلظ عليهم، وابن حجّاج يسلك بهم الرّفق والتلطّف في الشفقة [2] بهم عنده، فانحرفوا عن كريت إلى إبراهيم. ثم دسّ إلى الأمير عبد الله يطلب منه الكتاب بولاية إشبيلية، لتسكن إليه العامّة، فكتب إليه العهد بذلك. وأطلع عليه عرفاء البلد مع ما أشربوا من حبّه، والنفرة عن كريت، ثم أجمع الثورة. وهاجت العامّة بكريت فقتلوه، وبعث برأسه إلى الأمير عبد الله، واستقرّ بإمارة إشبيلية.
قال ابن حيّان: وحصّن مدينة قرمونة من أعظم معاقل الأندلس، وجعلها مرتبطا لخيله، وكان ينتقل بينها وبين إشبيلية. واتخذ الجند ورتّبهم طبقات، وكان يصانع الأمير عبد الله بالأموال والهدايا، وبعث إليه المدد في الصوائف [3] . وكان مقصودا [1] هو عمر بن حفصون بن عمر بن جعفر بن دميان بن فرغلوش بن ادفونش القس. وهو أول ثائر بالأندلس وهو الّذي افتتح الخلاف بها، وفارق الجماعة أيام محمد بن عبد الرحمن سنة 270 وتوفي سنة 306 (راجع أخبار ثورته في المجلد الرابع من هذا الكتاب. [2] وفي نسخة ثانية: في الشفاعة. [3] الصوائف: جمع صائفة: «وهي غزوات المسلمين الى بلاد الروم. سميت صوائف لأنهم كانوا يغزون صيفا تفاديا من شدة البرد (تاج العروس) .
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 7 صفحه : 506