responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 279
بالحرف والصناعات، ويستخفون بشأن من يشتغل بها ويزدرونه، فلا يتزوجون منه ولا يزوجونه منهم، وينطبق هذا القول على الأعراب وعلى بعض الحضر إلى حد ما، لكنه لم ينطبق على كل العرب. فالعرب الحضر، الذين وُجد الماء بغزارة عندهم، غرسوا الأشجار أيضًا وزرعوا، ولم يجدوا في ذلك خسة ولا دناءة. والعرب الذين توفرت لهم مواد العمل وظروف العمل، اشتغلوا بالحرف وبالصناعات، كما هو شأن الطائف والعربية الجنوبية بل وبعض رجال مكة أيضًا, أما الذين ازدروها وكرهوها فهم الذين لم تتوفر لهم الأسباب التي تغريهم على الاشتغال بالحرف والصناعات، ولم تتوفر لديهم المواد الأولية ولا الظروف المساعدة على قيام الحرف؛ لذلك كرهوها كره من يكره شيئًا لأنه لا يملكه ولا يناله، أو لأن يده لا تصل إليه، ولو ملكه لغيَّر حكمه عليه من غير شك.
وقد أشار "أمية بن خلف الهذلي" إلى اشتغال أهل اليمن بالحرف، بقوله:
يمانيًّا يظل يشد كيرًا ... وينفخ دائبًا لهب الشواظ1
وقد أمدَّ أهل اليمن الحجاز وأماكن أخرى من جزيرة العرب بالسيوف وبمصنوعات المعادن وبالبرد والأنسجة الأخرى. كما عرفوا بإتقانهم البناء والنجارة وغير ذلك من حرف الحضر التي أشير إليها في الشعر الجاهلي.
وقد عِيبَ على أهل اليمن اشتغالهم بالحرف: كالحدادة والحياكة والصياغة وما شاكل ذلك من حرف، على نحو ما تحدثت عن ذلك في فصل: "طبيعة العقلية العربية". ولكن من عابهم كان عالة عليهم وعلى غيرهم من أهل الحرف في أكثر الأمور التي كانت تخص شئون حياتهم اليومية، كالسيوف والخناجر الجيدة مثلًا التي هي عماد المحافظة على حياة الإنسان في البادية. كما اعترف لهم بالتفوق على من كان يزدري الصناعة والحرف، فكانوا يخافونهم في الحروب، ويهابونهم عند القتال، لامتلاكهم أسلحة لا يملكونها هم، وكانوا يلجئون إليهم لتنصيب رئيس منهم عليهم تهابه القبائل؛ لصعوبة انصياع القبائل لقيادة رئيس منها، بسبب التحاسد القبلي، كما كانوا يخضعون لحكم أهل اليمن بسبب تفوقهم عليهم في السلاح وفي الثقافة إلى غير ذلك من أسباب ترجع في الواقع إلى الطبيعة التي

1 تاج العروس "9/ 371"، "يمن".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست