نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 2 صفحه : 36
من الأجدر به ذكر عدنان وتقديمه على معد؟ ألم يقسم علماء النسب العرب إلى أصلين: أصل قحطاني وأصل عدناني؟ ألسنا نجد في كتب الأنساب والتاريخ اسم عدنان مقدمًا على معد، وأن قبائل معد تعد نفسها عدنانية، كما أن قبائل قحطان تعد نفسها قحطانية؟ لا يعقل بالطبع أن يكون حسان قد ترك عدنان والعدنانية ولجأ إلى استعمال "معد" لو لم تكن لفظة "معد" أشهر وأعرف وأكثر استعمالًا في أيامه من عدنان. وهذا هو ما نلاحظه أيضًا في سائر الآثار التي تعود إلى الجاهلية وصدر الإسلام.
ويلاحظ أن حظ مصطلح "عدنان" و"عدنانية" و"قبائل عدنانية" قد برز في الإسلام بروزًا لا نلحظه في الجاهلية, بل حتى في الجاهلية الملاصقة للإسلام؛ ولهذا غلب على مصطلح "معد" و"معدية" و"قبائل معدية"، فصار "عدنان" في مقابل "قحطان" ومن هنا صار العرب قحطانيين أو عدنانيين؛ واختفت بالتدريج المصطلحات الانتسابية الأخرى التي شاعت في الجاهلية أو في صدر الإسلام.
ويستنتج من أقوال علماء اللغة أن لفظة "معد" تعني: الشظف في العيش، والغلظ في المعاش والتقشف[1]، وأنها تعني: حياة بدوية شاقة بعيدة عن كل وسائل الحضر وترف أهل المدر، وهذا بالنظر لأهل المدن وأهل المدر نوع من الخشونة لا يحمد الإنسان عليه, وقد وصفت ملابسهم بالخشونة كذلك فميزت عن غيرها, جاء: "عليكم باللبسة المعدية" أي: خشونة اللباس، وروي: "اخشوشنوا وتمعددوا"[2], وبهذا المعنى ورد: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"[3]. فالظاهر أن كلمة معد كانت تعني ما تعنيه "أريبي" "عريبي" عند الآشوريين، أي: البدو والأعراب, غير أنها خصصت بعد ذلك بقبائل خاصة هي القبائل التي نسبت نفسها إلى عدنان وإسماعيل، وأكثرها من مكة وما حولها، ثم تغلبت عليها "العدنانية" في العصر الأموي فما بعده.
والمثل: "تسمع بالمُعَيْدِي خير من أن تراه"، من الأمثال المشهورة [1] اللسان "4/ 414"، الاشتقاق "1/ 20"، تاج العروس "2/ 503". [2] اللسان "4/ 414 فما بعدها"، ديوان النابغة مع شرحه للبطليوسي، "ص10"، اللسان "16/ 407"، "دار صادر". [3] تاج العروس، "2/ 503"، الميداني، مجمع الأمثال "1/ 129"، المثل رقم 655.
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 2 صفحه : 36