نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 298
قد أخذوا يباغتون قوافلهم حتى في الطرق الجنوبية المؤدية إلى اليمن والطرق البعيدة التي تؤدي إلى العراق.
وقد وقف المسلمون لقريش بالمرصاد، وأخذوا باعتراض قوافلهم، فما كادت تمضي سبعة أشهر من مقدم الرسول المدينة، حتى أمر "حمزة" بالتوجه إلى ساحل البحر من ناحية العيص، للتحرش بعير لقريش كانت قد جاءت من الشأم تريد مكة، فيها أو جهل في ثلاثمائة راكب[1]، فكان خبر هذه السرية أول خبر سيئ يبلغ مسامع قريش، وقد نجت القافلة، إلا أن الخبر جعل قريشًا تشعر أنه سيكون مقدمة لأخبار سيئة ستصيب مصالحها التجارية وحياتها الاقتصادية، ولن يكون لها من نجاة، إلا بالتهيؤ للقضاء على الرسول والإسلام، كما فكرت في وضع خطط لتغيير طرقها التي تسلكها في ذهابها إلى الشأم باتباع طرق بعيدة سالمة، تكون بعيدة عن المسلمين، وقد سلكتها فيما بعد، حين ضيق المسلمون على قوافلها التي كانت تسير على الطرق المألوفة، فتبين أنها لم تكن سالمة أيضًا وأن المسلمين أخذوا يهاجمونها على كل طريق، مهما كان.
وكان من غيظهم على الرسول، ومن تأثرهم بما أصاب تجارتهم من خسارة وضرر، أن لقبوا الرسول بـ"القاطع". ولما ذهب "الحجاج بن علاط"، إلى مكة، وكان تاجرًا له مال بمكة أودعها زوجته، ومالًا متفرقًا في تجار أهل مكة، وكان مسلمًا يكتم إسلامه، قالوا له: أخبرنا بأمر محمد، فإنه قد بلغنا أن القاطع قد سار إلى خيبر، وهي بلدة يهود وريف الحجاز[2]. فنعتوا الرسول بـ"القاطع"؛ لأنه قطع عليهم تجارتهم وهدد طرقهم التي يسلكونها للوصول إلى أسواق الشأم وبلاد العراق.
ولما كان الشهر الثامن من مقدم الرسول المدينة، أرسل سرية إلى بطن "رابغ" بلغت "ثنية المرة"، وهي بناحية الجحفة، لتقابل عيرًا لقريش، اختلف في أميرها، فقيل: كان "أبو سفيان"، وقيل بل "مكرز بن حفص"، وقيل "عكرمة بن أبي جهل". فكان بين المسلمين والمشركين رمي، ونجت القافلة. [1] الطبري "2/ 402"، إمتاع الأسماع "1/ 51". [2] الطبري "3/ 18".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 298